وعد رئيس اللجنة المصرفية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور الديموقراطي كريستوفر دود بإعلان مشروع قانون جديد للإصلاح المالي الأميركي في غضون الاسبوع الحالي، معززاً توقعات بالتوصل مع الجانب الجمهوري المعارض إلى اتفاق على مسائل جوهرية أجهضت مشروعاً سابقاً أو طرحها البيت الأبيض في وقت متأخر، خصوصاً «قانون فولكر» المثير للجدل الذي يحظر على المصارف ممارسة المضاربة ويسعى إلى الحد من حجمها، تفادياً لتأثير انهيارها في حال حصوله في النظام المالي برمته. وأكد دود أن تفاؤله بإمكانية طرح مشروع القانون الجديد «في غضون أيام قليلة» يعود إلى التقدّم السريع الذي أُحرز في مفاوضات يجريها مع عضو اللجنة المصرفية السيناتور الجمهوري بوب كوركر بهدف التوصل إلى مشروع قانون يحظى بإجماع الحزبين. ولجأ دود إلى كروكر إثر بلوغ مفاوضاته الماراثونية مع السيناتور الجمهوري عميد اللجنة المصرفية ريتشارد شِلبي طريقاً مسدوداً في أوائل شباط (فبراير) الماضي. ويشكل نجاح اللجنة في إنجاز المهمة الصعبة التي بدأتها قبل سنة خطوة متقدمة تتيح لمجلس الشيوخ إصدار نسخته من مشروع قانون الاصلاح المالي. ويعقب هذه الخطوة الاجرائية مفاوضات حاسمة مع مجلس النواب الأميركي الذي أصدر نسخته أواخر السنة الماضية. ويتوقع معظم المراقبين أن تكون التسوية صعبة بسبب سيطرة الحزب الديموقراطي المطلقة على مجلس النواب ووجود احتلافات شبه مؤكدة أو محتملة بين النسختين. واعترف دود صراحة أن نجاح مفاوضاته مع كروكر تطلّبت حلاً وسطاً، مشيراً في تصريحات نقلتها «صحيفة الكونغرس» إلى أن «قانون فولكر» لن يلعب «دوراً كبيراً» في نسخة اللجنة المصرفية الجديدة من مشروع قانون الاصلاح المالي. إلى ذلك، قدّمت مجموعة «سيتي غروب» المصرفية الأميركية مثلاً صارخاً للتنافر بين إدراك ادارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وأنصارها في الكونغرس والشعب الأميركي بأن «أميركا لن تحتمل عاصفة مالية اقتصادية كارثية أخرى تهب عليها من حيّها المالي» وبين إصرار «وول ستريت» على الوقوف بحزم ضد أي محاولة تراها «انتقاصاً من حريتها في مزاولة نشاطها وقدرتها على فرض الحلول الوسط على مشروع الاصلاح المالي الأميركي». وأكد المدير التنفيذي للمجموعة المصرفية العملاقة فيكرام بانديت تأييده القوي تشديد الرقابة على المؤسسات المالية، وتحديداً ما وصفه ب «التوجه العام لمشروع الاصلاح المالي»، وشدد أيضاً على معارضته تحوّل المصارف إلى «سوبرماركت» للخدمات المالية، معلناً أمام لجنة الاقتصادي: «نحن في المجموعة نؤمن بأن المصارف يجب أن تعمل كمصارف». وأشار بانديت، الذي تسلم دفة «سيتي غروب» في منتصف كانون الأول (ديسمبر) 2007 لإنقاذها من الانهيار بعدما اتضح بأنها أكبر ضحايا انفجار الفقاعة العقارية، إلى: «دروس تعلمناها من الأزمة المالية». ولفت في جلسة عُقدت في مجلس الشيوخ الأميركي إلى أن المجموعة تخلّصت في السنتين الماضيتين من زهاء 30 من النشاطات التي لا تتوافق مع إستراتيجيتها الجديدة، وقلّصت نشاط المضاربة إلى حد كبير، وتركز حالياً على أن تصبح «مصرفاً» وليس «سوبرماركت مالي». ودفعت «سيتي غروب» ثمناً باهظاً، إذ حظيت بأكبر حصة من خسائر المصارف الأميركية من الرهون العقارية الرديئة التي قدرتها «وول ستريت» ب 1.57 تريليون دولار، إضافة إلى انهيار قيمتها السوقية من 250 بليون دولار عشية انفجار الأزمة في منتصف عام 2007 إلى 34 بليوناً في تشرين الثاني (نوفمبر) 2008، ما دفعها إلى طلب دعم الحكومة الأميركية مرتين واللجوء إلى الصناديق السيادية العربية والأجنبية لتعزيز رأس مالها. وامتنع بانديت عن الاجابة متذرعاً بعدم الاطلاع على النص عندما سأله عضو اللجنة دامون سيلفرز عن موقفه من «قانون فولكر» وما تضمنه من قيود على حجم المصارف ومنعها من ممارسة أنشطة المضاربة لصالحها وتملّك صناديق التحوّط والاستثمار الخاص. وجاهر بتأييده انشاء مؤسسة لحماية المستهلك الأميركي، وذهب إلى حد تأكيد عدم معارضته منحها «القدرة على وضع قواعدها الرقابية موضع التطبيق»، لكنه اشترط أن يتم عبر إشراف المصرف المركزي الأميركي.