بدا أن أصداء المرحلة الأولى من الانتخابات التشريعية التي أعلنت نتائجها في شكل رسمي مساء أمس، ستظل تلقي بظلالها على المشهد السياسي المصري لفترة، بعدما أعادت فرز الأحزاب بصعود قوى جديدة إلى الواجهة، وتراجع المحسوبين على الحزب «الوطني» المنحل والسلفيين. وفي حين بدأ الرابحون نقاشات لتشكيل تحالف نيابي واسع أسفل قبة البرلمان المتوقع التئامه قبل نهاية العام، لوّح الخاسرون بالانسحاب من المرحلة الثانية. وكانت الانتخابات جرت في 14 محافظة على 226 مقعداً بالنظام الفردي ستجرى الإعادة على غالبيتها الأسبوع المقبل، و60 بنظام القوائم حسمتها قائمة «في حب مصر» الموالية للرئيس عبدالفتاح السيسي. وقال ل «الحياة» القيادي في قائمة «في حب مصر» الصحافي مصطفي بكري: «نهدف إلى حصول تحالف كبير يضم نواب كل القوى المنخرطة في القائمة حتى نحقق نسبة تصل إلى ثلثي مقاعد البرلمان». واعتبر أن «تدشين هذا التحالف الذي سيحمل اسم القائمة هو وحده الذي سيدفعنا إلى الأمام في ظل التحديات التي تمر بها البلاد، ويضمن ألا يحدث صدام بين مؤسسات الدولة، لاسيما أنه لا يوجد ثلث معطل». وأضاف: «نجري حواراً مع قادة الأحزاب كافة المنخرطة في القائمة لنشكل أكبر تحالف سياسي أسفل قبة البرلمان. لدينا أجندة تشريعية في مقدمها التشريعات الإعلامية سنسعى إلى تقديمها إلى البرلمان». وعن تشكيل اللجان البرلمانية، نفى بكري أي حديث عن توزيع المرشحين على تلك اللجان، قائلاً: «بعد انتهاء الاتنتخابات سيتم التطرق إلى هذا الأمر». وكانت قائمة «في حب مصر» اكتسحت نتائج التصويت على قائمتَي قطاع الصعيد (45 مقعداً) وقطاع غرب الدلتا (15 مقعداً)، علماً أنها ضمنت الفوز بالتزكية بمقاعد قائمة شرق الدلتا (15 مقعداً) التي يجري الاقتراع عليها في المرحلة الثانية، ليتبقى لها انتزاع 45 مقعداً تشكل قائمة قطاع القاهرة من منافسيها حزب «النور» السلفي، و «ائتلاف الجبهة الوطنية» الذي يضم أحزاباً خرجت من كنف «الوطني» المنحل، وقائمة «التحالف الجمهوري» التي تضم مؤيدين للسيسي أيضاً. وأيّد ما طرحه بكري عن تشكيل تحالف نيابي، الناطق باسم حزب «المصريين الأحرار» شهاب وجيه الذي حل حزبه في صدارة ترتيب الأحزاب المنافسة على المقاعد الفردية في الجولة الأولى بدخول 65 من مرشحيه جولة الإعادة. وقال ل «الحياة»: «لا يزال من المبكر الحديث عن حصول المصريين الأحرار على الأكثرية النيابية. لكن هناك ضرورة لتشكيل تحالف يجمع الأحزاب داخل البرلمان، يتعاون فيه الجميع. لدينا أجندة سياسية واقتصادية واضحة. نحن نقف في اتجاه الاقتصاد الحر ونرحب بأي حزب يتوافق مع رؤيتنا». وتوقع «حصول المستقلين على نسبة تصل إلى 40 في المئة، على خلاف ما كان متوقعاً». واعتبر أن «أكبر إنجازات الحزب دخول 6 من شبابه إلى جولة الإعادة، ولديهم فرص جيدة للفوز بالمقاعد... الحزب يستعد بحملات تنظيمية واسعة، وسنقف إلى جانب مرشحينا للدفع بهم إلى البرلمان». أما رئيس حزب «مستقبل وطن» محمد بدران فأوضح أن حزبه الذي حل في المرتبة الثانية «تمكّن من الفوز بأحد المقاعد الفردية»، فيما يخوض 47 مرشحاً، من أصل 88 جولة الإعادة، بنسبة تخطّت 55 في المئة «بعد مجهود من الشباب في الشارع... حاولنا تدشين تنظيم سياسي في الشارع، وقمنا بحملات انتخابية واسعة حتى حققنا تلك النتيجة». وأوضح أن حزبه «كان هدفه تقديم نموذج مختلف عن الشباب المصري، عملنا في الشارع بدءاً من الاستفتاء على الدستور ثم الانتخابات الرئاسية خلف الرئيس عبدالفتاح السيسي، وتحوّلنا إلى أوّل حزب شبابي في مصر»، لافتاً إلى أن «30 في المئة من مرشحينا شباب، بينهم 10 وصلوا إلى الإعادة، ونتمنى أن نكسب ثقة الشعب المصري». وكشف أن حزبه يتلقي تمويلاً من عدد من رجال الأعمال أبرزهم أحمد أبوهشيمة ومنصور عامر وكامل أبو علي وهاني أبو ريدة، «لكننا وضعنا شروطاً بعدم تدخل المموّلين في سياسات الحزب». في المقابل، لوّح تحالف أحزاب خرجت من كنف الحزب «الوطني» المنحل وحزب «النور» السلفي اللذين منيا بهزيمة مدوية بالانسحاب من المرحلة الثانية من الانتخابات. ومن المقرّر أن يجتمع قادة «النور» اليوم لحسم موقف الحزب من الانتخابات. وأوضح ل «الحياة» نائب رئيس الحزب أشرف ثابت أن «الانسحاب من التشريعيات خيار مطروح على طاولة اجتماع اليوم، وسنحسمه بالتصويت». وكان رئيس «النور» يونس مخيون دعا الهيئة العليا للحزب إلى اجتماع عاجل اليوم «للبحث في موقف الحزب من الانتخابات». وقال في بيان: «سيتم تقويم سير العملية الانتخابية خلال المرحلة الأولى، وما تمّ فيها من تجاوزات، والنظر في اتخاذ الحزب موقفاً حيال العملية الانتخابية». وبالمثل لوّح تحالف «الجبهة المصرية - تيار الاستقلال» الذي يقوده حزب «الحركة الوطنية» بزعامة المرشح الرئاسي السابق أحمد شفيق، بالانسحاب، علماً أن التحالف يخوض المنافسة على قائمة قطاع القاهرة. وقال رئيس «تيار الاستقلال» أحمد الفضالي إن «القائمة لم تأخذ حقها المشروع في الدعاية الانتخابية مثل بقية القوائم، ولن نخوض الانتخابات بسبب عدم تكافؤ الفرص». واعتبر أن «المؤشرات الأولية لنتائج الانتخابات لم تعبّر عن الواقع الموجود في الشارع... انتخابات القائمة في الجيزة والصعيد مصيرها البطلان». وكانت اللجنة العليا للانتخابات اكتفت بإعلان أعداد المقترعين المصريين في الخارج، وأوضح رئيس اللجنة القاضي أيمن عباس في مؤتمر صحافي عقده مساء أول من أمس، أن إجمالي عدد الناخبين الذين شاركوا في المرحلة الأولى خارج مصر بلغ 30 ألفاً و531 ناخباً أدلوا بأصواتهم في 139 مقراً في الخارج. وأشار إلى أن عدد الأصوات الباطلة في تصويت المصريين في الخارج، بلغ 1856 صوتاً، في حين بلغ عدد الأصوات الصحيحة 28 ألفاً و675 صوتاً. وتشكّل هذه الأعداد ما نسبته أقل من 10 في المئة من أصوات الناخبين المسجلين في الخارج في هذه المرحلة. إلى ذلك، قال رئيس بعثة الاتحاد الأفريقي المشاركة في متابعة الانتخابات أموس ساوير إن الانتخابات «جرت بشفافية تامة من دون أي عوائق تؤثر في نزاهتها». وأضاف خلال مؤتمر صحافي أمس أن «أعضاء البعثة لاحظوا أن الانتخابات تمت بشفافية إلى حد كبير... والتصويت والفرز كانا من دون تدخل». لكنه أضاف أن هذا التقويم «يعتبر تقريراً مبدئياً بما أن الانتخابات لا تزال مستمرة، الاتحاد سيستمر في مراقبة إجراء الانتخابات، وستصدر توصيات بعد انتهاء الانتخابات». إلى ذلك، قالت وزارة الداخلية إن ضابطاً و10 جنود جرحوا بانفجار عبوة ناسفة استهدفت مدرعتهم في حي المساعيد في العريش، مشيرة إلى أن العبوة تمت زراعتها على جانب الطريق. وقال شهود إن الشرطة دفعت بأعداد كبيرة من الآليات المحمّلة بالجنود إلى مكان الانفجار، وطوّقته وسط إطلاق نيران كثيفة في كل الاتجاهات. وسبق أن شهدت هذه المنطقة استهداف آليات عدة للشرطة، ما أسفر عن مقتل وجرح ضباط وجنود.