توقع صندوق النقد الدولي أمس، أن يتجاوز عجز الدول العربية المصدرة للنفط تريليون دولار في خمس سنوات، منها 360 بليون دولار خلال العام الحالي والباقي خلال السنوات الأربع المقبلة، وذلك نتيجة تراجع أسعار النفط من 110 دولارات للبرميل إلى ما دون 50 دولاراً منذ حزيران (يونيو) 2014، بالإضافة إلى تباطؤ الاقتصاد الصيني، وتذبذب أسعار العملات. وقال مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في الصندوق مسعود أحمد، في مؤتمر صحافي عقده في دبي أمس، إن «احتدام الصراعات وهبوط أسعار النفط أديا إلى تراجع آفاق النمو في الدول العربية المصدرة للنفط. وتفاقمت حدة هذا الوضع بفعل نوبة التقلبات التي أصابت الأسواق المالية العالمية أخيراً، إذ يتوقع أن تتباطأ وتيرة النمو في هذه الدول على المدى القريب، لكن بدرجة طفيفة فقط، نظراً لاستعانتها باحتياطاتها المالية ولجوئها إلى خيارات التمويل المتاحة، بالإضافة إلى ضبط أوضاعها المالية العامة». ورجح أحمد ان تحدث «زيادة متواضعة في أسعار النفط في المدى المتوسط، لكن دون تعافيها إلى مستويات الذروة المسجلة عام 2014. وتوقع أن تتحسن أسعار النفط خلال السنوات الخمس المقبلة، لتتراوح بين 60 و65 دولاراً للبرميل. وعلى رغم توقعات تحسن أسعار النفط، غير أن تقريراً أصدره الصندوق أمس، توقع أن تشهد دول مجلس التعاون الخليجي تراجعاً في رصيد حسابها الجاري من فائض قدره 15 في المئة من إجمالي الناتج المحلي عام 2014 إلى عجز بنسبة 0.25 في المئة عام 2015، ورجح أن يصل عجز المالية العامة في دول الخليج مجتمعة إلى 13 في المئة، ليتحسن قليلاً بعد ذلك في المدى المتوسط. وتوقع أن يؤدي انخفاض أسعار النفط إلى تراجع نسب النمو في دول الخليج بنسبة اثنين في المئة خلال هذه السنة، ما قد يؤدي إلى تراجع نسبة التدفقات المالية من دول الخليج والمغتربين فيها إلى دول المشرق والمغرب العربي. وأكد أن دول الخليج تواجه تحديات حقيقية أهمها تقليص الإنفاق لتتوازن مع الإيرادات المالية الحقيقية، وإيجاد وظائف لنحو 10 ملايين شخص خلال السنوات الخمس المقبلة. وأشار إلى أنها قد تضطر إلى بيع بعض ممتلكاتها في الخارج، أو فرض ضرائب لحل مشكلة العجز في موازناتها العامة. لكن «مع تعافي أسعار النفط إلى حد ما، ودوران عجلة تصحيح الأوضاع، تُتوقع عودة وضع الحساب الجاري في دول مجلس التعاون الخليجي لتحقق فائض قدره اثنين في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وأن يتحسن رصيد الحساب الجاري في البلدان العربية المصدرة للنفط غير الأعضاء في مجلس التعاون حتى يسجل فائضاً بنحو 0.25 في المئة من إجمالي الناتج المحلي». وعلى رغم أن أحمد أكد أن الدول العربية غير النفطية، استفادت خلال العام الحالي من تراجع أسعار المحروقات وتنفيذ عدد من الإصلاحات الاقتصادية، بالإضافة إلى زيادة معدلات النمو في منطقة اليورو، لترتفع معدلات النمو فيها خلال العام الحالي إلى أربعة في المئة وتوقع مثلها لعام 2016، قال ل «الحياة» إن التداعيات الناجمة عن الصراعات، بما فيها الأعداد المتزايدة من اللاجئين، والأخطار الأمنية «تكبح جانباً من الزخم». ولم ينكر أن التوتر السياسي في بعض دول المنطقة كبد اقتصاداتها واقتصادات الدول المجاورة لها تكاليف ضخمة، بالإضافة إلى تأثيراتها الاجتماعية وفي سوق العمل والسكن والخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة والأمن. وقدر أحمد، فقدان سورية 50 في المئة من قوتها الاقتصادية، واليمن 25 في المئة.