توقع مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي، أن تحقق دول الخليج نموًا بمعدل 3.5 في المائة خلال العام الجاري. وذكر مسعود أحمد، أن الدول المنتجة للنفط ستواجه تحديات بشأن الإنفاق بسبب تقلبات أسعار النفط. وأشاد المسؤول الدولي، بخطوات دول الخليج في تأسيس احتياطيات ضخمة، مكنتها من مواجهة تراجع النفط، وقال: إن لجوء هذه الدول للاحتياطي عزز نموها بما جاء متطابقًا مع معدلات النمو للعام الماضي. ودعا مسعود دول الخليج إلى إعادة النظر في دعم الطاقة، وحث على اتخاذ إجراءات من أجل الحد من ارتفاع الاستهلاك، وقال: إن هناك دولاً بدأت بالفعل في خفض هذا الدعم واستطاعت التكيف مع التقلبات الاقتصادية الحادة التي مرت بها الأسواق». وكان تقرير لصندوق النقد الدولي بشأن مستجدات آفاق الاقتصاد في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، قد توقع استمرار التعافي «المتواضع» في المنطقة عام 2015، وذلك على الرغم من هبوط أسعار النفط واحتدام الصراعات الإقليمية واستمرار حالة عدم اليقين بشأن التحولات التي أعقبت الربيع العربي. وتوقع التقرير استمرار النمو المطرد في الدول المصدرة للنفط بما في ذلك دول الخليج بمعدل 2.4 في المائة عام 2015 مصحوبًا بمعدل تضخم منخفض وذلك على الرغم من التراجع الحاد في أسعار النفط. ويقول التقرير، إنه بينما تواجه هذه الدول خسائر في إيراداتها النفطية حيث هبطت أسعار النفط من يوليو 2014 وأبريل 2015 بنسبة 50 في المائة، فمن المتوقع أن تستخدم الاحتياطيات المالية المتراكمة وموارد التمويل المتاحة للتخفيف من وطأة انخفاض الإيرادات على النمو وإبطاء إنفاقها من المالية العامة بالتدريج حتى تتمكن من إعادة بناء الاحتياطيات الوقائية التي تسهم في التكيف مع تقلب أسعار النفط. غير أن التقرير حذر من أن زيادة معدل النمو الاقتصادي في المنطقة لا يزال أقل مما يسمح بتخفيض معدلات البطالة المرتفعة على مستوى المنطقة وخصوصًا بين الشباب، مؤكدًا أن تحسين آفاق الاقتصاد على نحو قابل للاستمرار واحتوائي، يتوقف على إجراء إصلاحات هيكلية متعددة. من ناحية أخرى، توقع الصندوق في تقريره الذي صدر الجمعة، ارتفاع معدل النمو في الدول المستوردة للنفط في المنطقة، ومن بينها مصر ولبنان والمغرب والسودان وتونس إلى 4 بالمائة عام 2015 مقابل 3 في المائة عام 2014 مع توقع ارتفاع الصادرات بسبب التعافي التدريجي في منطقة اليورو (الشريك التجاري الرئيس لعدد من دول المنطقة). وأشار التقرير إلى تنفيذ العديد من دول المنطقة إصلاحات هيكلية صعبة ومن المتوقع أن تساعد على تقليل العوائق في توفير إمدادات الطاقة ومواصلة دعم الاستثمارات والصادرات ومواجهة ضغوط ارتفاع سعر الصرف الحقيقي. ويُرجح التقرير أن يسهم انخفاض سعر النفط في دعم الثقة من خلال المساهمة في تخفيف مواطن ضعف المالية العامة والحسابات الخارجية.. ويتوقع الصندوق تراجع معدل التضخم بصورة حادة عام 2015 بمقدار 2.5 نقطة مئوية ليصل إلى 7 في المائة وهو ما يرجع بدرجة كبيرة إلى انخفاض أسعار الغذاء، بينما توقع استمرار الضغوط التضخمية في بعض الحالات نتيجة لإلغاء دعم الطاقة وتمويل عجز المالية العامة. كما يرى صندوق النقد أن انخفاض دعم الطاقة بنسبة تصل إلى 0.5 في المائة من إجمالي الناتج المحلي عام 2015 سيحقق وفورات في الموازنة في البلدان التي تواصل تقديم الدعم كما هو الحال في مصر وتونس والسودان. وخفض الصندوق توقعات الدين العام في 2015 بنقطتين مئويتين من إجمالي الناتج المحلي مقابل تقديرات أكتوبر ليصل إلى 75 في المائة من إجمالي الناتج المحلي. وقال: إن إصلاحات الدعم ساعدت على وقف زيادة العجز في الميزانية العامة الذي انخفض بمقدار 1.5 نقطة مئوية ليصل إلى أقل من 8 في المائة من إجمالي الناتج المحلي عام 2014. وساهمت إصلاحات الدعم في زيادة التحويلات إلى البرامج الاجتماعية لدعم غير القادرين والإنفاق على التعليم والرعاية الصحية. واستخدمت مصر جزءًا من الوفورات من انخفاض فاتورة دعم الطاقة في تمويل جزء كبير من فواتير الأجور والإنفاق الرأسمالي، مستغلة المنح المقدمة من دول الخليج.. وقد ساعد ضبط أوضاع المالية العامة إلى جانب انخفاض فواتير الطاقة خلال الربع الأخير من عام 2014 على تضييق عجز الحسابات الجارية وتعزيز الاحتياطيات الوقائية الخارجية. غير أن الصندوق حذر من أن مستوى تغطية الاحتياطيات - ما يكفي حوالي ثلاثة أشهر من الواردات- لا يزال متدنيًا في أكبر اقتصاديات المنطقة، وتوقع الصندوق أن تواصل الحكومات ضبط مراكز المالية العامة في 2015 مع التركيز على تدبير الإيرادات. كما توقع تراجع معدلات عجز المالية العامة بمقدار نقطة مئوية أخرى من إجمالي الناتج المحلي ليصل إلى 7 في المائة من إجمالي الناتج المحلي هذا العام، وأن تركز سياسات تدابير الإيرادات الضريبية، بما في ذلك إلغاء الإعفاءات وتحسين الإدارة الضريبية وتبني إصلاح ضريبة الدخل في حال الأردن وضريبة القيمة المضافة في حال مصر.