أثارت أحكام قضائية في بريطانيا جدلاً واسعاً قبل أيام نتيجة ما إعتبره منتقدون «تمييزاً واضحاً» لمصلحة الإناث على حساب الذكور، على رغم أن الجرائم التي حوكموا فيها تندرج في الخانة ذاتها وهي الإستغلال الجنسي للأطفال. فهل هناك حقاً فارق بين أن تستغل إمرأة طفلاً وبين أن يستغل رجل طفلة؟ طُرح هذا السؤال على خلفية محاكمة أُجريت أخيراً لجيد هات البالغة 21 سنة والتي استغلت عملها كمربية لطفل يبلغ 11 سنة للإعتداء عليه. وقد وصف الطفل للمحكمة شعوره بالقلق عندما بادرت المربية إلى الاعتداء عليه. وأصدرت المحكمة في نهاية مداولاتها حكماً غير نافذ بسجن جيد ستة أشهر فقط، ما أثار إنتقادات واسعة اعتبرت أن الحكم كان سيصدر مشدداً أكثر بكثير لو أن المدان بالإعتداء كان رجلاً وليس إمرأة. ووصفت صحيفة «ديلي ميل» المحافظة هذه القضية بأنها «قصة حزينة عن إستغلال الأطفال جنسياً»، وأوردت إنه «على رغم الفارق العمري الكبير، 10 سنوات قد لا تكون فترة طويلة لمن هم في منتصف العمر، لكنها تمثّل العمر كله لمن لم يبلغ مرحلة النضوج بعد. وعلى رغم أن الطفل لا تزال أمامه خمس سنوات لبلوغ سن الرشد، فقد قامت علاقة جنسية كاملة بناء على مبادرة المعتنية بالطفل». وتابعت: «الإستغلال على أيدي من هم في موقع الثقة وإغواء القاصرين فيه ما يكفي، ولكن حكم القاضي شكّل الصدمة الأكبر: سجنها فقط لستة أشهر مع تأجيل التنفيذ لمدة سنتين ووضعها على لوائح مرتكبي الجرائم الجنسية!». وجادل القاضي تيم موسلي في تبريره حكمه المخفف بأن القضية كانت «استثنائية»، إذ على رغم أن المدانة كانت تبلغ سن الرشد إلا أنها كانت في نظره «غير ناضجة» في حين أن الضحية كان ناضجاً أكثر ممن هم في سنّه، وهو أمر أكّده والد الطفل أيضاً. وتقوم هيئة مراجعة الأحكام حالياً بمراجعة حيثيات القضية لتحديد هل أخطأ القاضي في حكمه المخفف أم لا. وأكد ناطق بإسم الإدعاء العام تلقّي «عدد من الشكاوى (48 شكوى) ضد الحكم من عامة الناس». وساندت المشتكين جمعيتا «ان أس بي سي سي» و «كيدزكيب» اللتان تعنيان بالأطفال واللتان إنتقدتا تخفيف العقوبة، خصوصاً أن جيد لن تقضي يوماً واحداً في السجن بل خرجت حرة طليقة (عقوبة مع وقف التنفيذ). ويقول منتقدون للحكم إنه ما كان ليصدر مخففاً بهذا الشكل لو كان رجل في موضع الثقة هو من إعتدى على الطفلة المفترض به الإعتناء بها. ويشيرون إلى سلسلة أحكام مماثلة نالت فيها نساء البراءة أو إدانة مخففة نتيجة الإعتداء على أطفال. ومن بين القضايا التي يتحدّث عنها المنتقدون قضية الشابة ماري- ألن موني (18 سنة)، التي أقرت بأنها إستدرجت طفلاً في الثالثة عشرة من عمره إلى القيام بنشاط جنسي معها على رغم أنها كانت مكلّفة بالعناية به. لكن المحكمة التي نظرت في قضيتها بمقاطعة باكنغهامشاير لم تُصدر ضدها عقوبة بالسجن. والأمر ذاته ينطبق على المعلّمة هيلين تيرنبول (35 سنة) التي أرسلت صورها بملابسها الداخلية إلى صبي في السادسة عشرة من عمره وأقرّت بأنها قبّلته، لكن المحكمة في تاينسايد (شمال شرقي إنكلترا) برّأتها من تهمة ممارسة علاقة جنسية معه، وقضت بسجنها أربعة أشهر مؤجلة التنفيذ وبوضعها على لوائح مرتكبي الجرائم الجنسية. ويشير المنتقدون كذلك إلى قضية كارولاين بيريمان (30 سنة) التي تعمل مساعدة معلّمة، فعلى رغم إقرارها بإقامة نشاط جنسي مع طفل يبلغ 15 سنة، إلا أن المحكمة إمتنعت عن إصدار حكم ضدها بالسجن. أما الطفل الذي أقامت العلاقة معه فقد وصف ما حصل معه بأنه «جُرح سيبقى معي طول العمر». والعام الماضي أيضاً تفادت تشارلوت باركر (32 سنة) التي تعمل بدورها مساعدة معلّمة، صدور عقوبة بسجنها على رغم أنها أقرت بإرسال رسائل خليعة لطفل في مدرستها يبلغ 14 سنة، قبل أن تقيم علاقة معه دامت سنتين بعدما بلغ 16 سنة. وهناك أيضاً قصة إستاذة اللغة الإنكليزية ايفون بريستون (49 سنة) التي كانت «مهووسة» بطفل في مدرستها فأغرقته بالهدايا، لكن الحكم الذي صدر ضدها قضى فقط بمنعها من التدريس حتى تموز (يوليو) 2016، وهو التاريخ الذي يحق لها فيه أن تتقدّم بطلب للعودة مجدداً إلى مزاولة وظيفتها. وخلال الصيف المنصرم كُشف في بريطانيا عن تورّط إمرأة في إحدى أبشع حالات الإعتداء الجنسي على أطفال منذ سنوات. فقد دانت محكمة في شرق إنكلترا ماري بلاك (34 سنة) بإدارة شبكة للمنحرفين الذين يشتهون الأطفال (بيدوفايل) وباغتصابهم وبلعب «دور أساسي» في إستخدام أطفال «كدمى جنسية». وعلى رغم أن العقوبة ضدها هي السجن المؤبّد، إلا أنها يمكن أن تصبح حرة بعد قضائها 12 سنة فقط من مدة العقوبة. ولا تفرّق الحكومة البريطانية قانونياً بين الرجال والنساء في حالات الإستغلال الجنسي للأطفال، وهي تغلّظ العقوبة عندما يكون مرتكب الجرم في «موقع ثقة»، كأن يكون مثلاً أستاذ الطفل أو مربيه. وقد أصدرت محاكم بريطانية في السنوات الماضية أحكاماً مشددة جداً على أساتذة أقاموا علاقات مع تلميذاتهم، ما أثار، كما يبدو، حنق الغاضبين من الليونة التي صدرت في الأحكام على النساء اللواتي بدورهن إستغللن أطفالاً في عهدتهن، كما حصل في حالة جيد هات أخيراً.