ابتكر مهندسون من جامعة «ستانفورد» الأميركية جلداً من البلاستيك يستخدم على الأطراف الاصطناعية، لكنه يمكّن الشخص من الإحساس باللمس والحرارة والألم، ويُنتج نبضات كهربائية تصل إلى الدماغ الذي يقوم بتفسيرها. وأمضت أستاذة الهندسة الكيماوية في جامعة «ستانفورد» زينان باو عشر سنوات في محاولة لدرس المواد التي تماثل قدرة جلد الإنسان على الإنثناء والتمدد والشفاء، وفيها ما يشبه شبكة الاستشعار الموجودة في البشرة الطبيعية، والتي ترسل الإحساس باللمس ودرجة الحرارة والألم على شكل إشارات إلى الدماغ. وتريد باو، في نهاية المطاف، أن تبتكر نسيجاً إلكترونياً مرناً ليكون جزءاً لا يتجزأ من أجهزة الاستشعار التي يمكن أن تغطي الأطراف الاصطناعية وتقوم ببعض وظائف الجلد الحسية. دراسة باو، التي نشرتها مجلة «ساينس» المتخصصة ونقل تفاصيلها موقع «فايز دوت أورغ» في 15 تشرين الأول (أكتوبر) الجاري، ركزت على جانب واحد في تجربتها وهو الشعور باللمس، وآلية الحس التي تمكننا من تمييز الفرق بين اللمسة الخفيفة والمصافحة القوية. وقالت باو، التي قادت فريق بحث مؤلف من 17 باحثاً نفذوا هذا الإنجاز: «إنها المرة الأولى التي تكتشف مادة مرنة مثل الجلد، قادرة على كشف فارق الضغط، وأيضاً إرسال إشارة إلى أحد مكونات الجهاز العصبي». ويتكون هذا الجلد الاصطناعي من طبقتين من البلاستيك، تعمل الطبقة العليا منهما على إيجاد آلية الاستشعار والإحساس باللمس، بينما تشكل الطبقة السفلى شبكةً لنقل الإشارات الكهربائية وترجمتها إلى محفزات حيوية متوافقة مع الخلايا العصبية لدينا. والطبقة العليا صممت بحيث يمكنها الإحساس باللمس مثل جلد الإنسان تماماً، بدءاً من اللمسة الخفيفة وحتى اللمسة القوية الضاغطة. وكان العلماء استخدموا البلاستيك للمرة الأولى وسيلة للاستشعار قبل خمس سنوات، من خلال قياس المرونة الطبيعية لهياكله الجزيئية، واستطاعوا الآن استغلال ذلك من طريق نثر البلايين مما يعرف ب «أنابيب النانو الكربونية» ذات السماكة المتناهية الصغر،عبر البلاستيك. وبالضغط على البلاستيك، تنضغط الأنابيب المتقاربة مع بعضها، ما يمكنها من توصيل الكهرباء، وهذا يسمح للجلد البلاستيكي بمحاكاة الجلد البشري الذي ينقل معلومات الضغط في صورة نبضات قصيرة من الكهرباء، مشابهة ل «شيفرة مورس»، إلى الدماغ. وأجرى فريق باو الذي نفذ هذا الابتكار تجارب عدة لتطوير أجهزة الاستشعار في هذا الجلد الاصطناعي، بعدما كانت القدرة بالإحساس في الأذرع الاصطناعية السابقة مقتصرة على المعصم والمرفق. ومن هذه التجارب على الجلد البلاستيكي، جرب الفريق قدرته على تمييز الفارق بين القماش العادي والحرير، أو كوب الماء البارد وكوب القهوة الساخنة. واستغرق ذلك وقتاً طويلاً، إذ أن يد الإنسان الطبيعية تحتوي على ستة أنواع من آليات الاستشعار البيولوجية، لم تنجح التجارب السابقة سوى في تقليد آلية واحدة منها. وتقول باو: «لدينا الكثير من العمل للانتقال من مرحلة التجربة إلى التطبيقات العملية». وأضافت: «بعدما أمضينا سنوات عدة في هذا العمل، أرى الآن طريقاً واضحاً يمكننا من استخدام الجلد الاصطناعي في شكل واسع لدى البشر».