مرة مازح وزير الخارجية المغربي السابق محمد بن عيسى نظيره الإسباني ميغيل أنخيل موراتينوس بالقول: لم يبق أمامكم إلا أن تضعوا مُجسماً صغيراً لمخيمات تندوف في أكبر ساحات مدريد ليصبح نصباً تذكارياً. وقتها فهم رئيس الديبلوماسية الإسبانية مغزى كلام الوزير المغربي، وأشار إليه بأن المجتمع المدني له كلمته في إسبانيا. المشهد الافتراضي يبدو أقرب إلى الواقع هذه الأيام، من خلال حشد تظاهرات مناوئة للمغرب في مدينة غرناطة، يقودها ناشطون إسبان يناصرون جبهة «بوليساريو»، فيما اصطفت تنظيمات مغربية غير حكومية على الطرف الآخر منددة بما تعتبره «هاجساً انفعالياً» تدعمه أوساط متشددة في إسبانيا. لكن غرناطة التي أقيمت حولها سياجات أمنية لإبعاد القمة الأوروبية - المغربية الأولى عن سماع تظاهرات الخارج، انشغلت بحوار متعدد الأبعاد السياسية والاقتصادية في حدث اعتبرته وزارة الخارجية الفرنسية «يسير في الاتجاه الصحيح». وقالت مساعدة الناطق باسم الخارجية الفرنسية كريستين فاج إن بلادها «تشجع الاتحاد الأوروبي على مساعدة المغرب في عمله بعزم، من أجل التحديث والانفتاح، لما فيه مصلحة ضفتي المتوسط»، في إشارة الى الدور الذي اضطلعت به باريس لدى رئاستها الاتحاد الأوروبي لناحية منح المغرب وضعاً اعتبارياً متميزاً عبر «الوضع المتقدم» في عام 2008 في سياق الانفتاح الأوروبي على بلدان الجوار. وقال رئيس المفوضية الأوروبية خوسي مانويل باروزو إن القمة الأوروبية - المغربية «حدث غير مسبوق» يبلور الطابع الريادي للشراكة بين الاتحاد الأوروبي والمغرب، كونها تهدف إلى تعزيز «جوارنا السياسي». ورأى أن المغرب «أول بلد في المنطقة يفيد من الوضع المتقدم ويحتل موقعاً مهماً في سياسة الجوار الأوروبي». ويعوّل المغرب على الحصول على دعم سياسي واقتصادي أكبر في هذا المجال يزيد عن مقتضيات الشراكة، وقد يصبح أشبه بمحور أوروبي - مغربي ينشغل بالقضايا الاستراتيجية في المنطقة. وصرح مسؤول مغربي يشارك في قمة غرناطة بأن الرهان على استقرار منطقة الشمال الأفريقي أصبح هاجساً مغربياً وأوروبياً بامتياز لكنه «لا يجب أن يتوقف عند المقاربات الأمنية فقط» وإنما يبلور سياسات جديدة لترسيخ الاستقرار. وأضاف أن ملف بلاده في تحسين سجلها في احترام حقوق الإنسان وممارسة قدر أكبر من الإصلاحات في القضاء والتعليم ومساواة المرأة سمح بمنح المغرب وضعاً متقدماً، مؤكداً التزام بلاده القيام بجهود مضاعفة لتجاوز الثغرات والمؤاخذات. إلى ذلك، هيمن الطابع الاقتصادي على أعمال اليوم الأول في الحوار الأوروبي - المغربي، وعرض خبراء من الجانبين تصورات معززة بالأرقام والمعطيات إزاء الإمكانات المتاحة لتعزيز التعاون في المجالات الاقتصادية، وتشجيع الحوار بين المؤسسات المنتخبة والإفادة من التطور التكنولوجي. وتمنى مسؤول مغربي على نظرائه الأوروبيين دعم خطة الربط القاري بين أوروبا وأفريقيا عبر جبل طارق، كونها تشكّل أفضل وسيلة لتدفق الاستثمارات والمنتجات. ويُتوقع أن تهيمن القضايا السياسية، وفي مقدمها الأوضاع في منطقة الشمال الأفريقي، وآفاق الحوار بين الاتحاد الأوروبي والاتحاد المغاربي، والانشغال بالسلم والأمن في حوض البحر المتوسط، على أبرز المحاور التي ستدرسها القمة الأولى من نوعها على صعيد الحوار الأوروبي - المغربي. وفي الجزائر (أ ف ب)، حذّر زعيم جبهة «بوليساريو» محمد عبدالعزيز من توقيع «أي اتفاق» بين المغرب والاتحاد الأوروبي حول الصحراء. ونقلت عنه وكالة الأنباء الجزائرية السبت أن «توقيع الاتحاد الأوروبي على أي اتفاقية مع المملكة المغربية تشمل أراضي أو مياه الصحراء الغربيةالمحتلة سيمثل انتهاكاً صارخاً للشرعية الدولية وضرباً للأسس التي يقوم عليها الاتحاد الأوروبي».