أدت الصراعات في الشرق الأوسط، وخصوصاً في سورية، إلى تدفق كبير للاجئين إلى مناطق متعددة في العالم، ما نجم عنه انتشار مخيمات اللاجئين والهاربين من مناطق القتال والتي يعاني فيها اللاجئون من أوضاع مأسوية، خصوصاً في تركيا ولبنان والأردن. لكن مخيمات اللجوء في هذه الدول تُعد أفضل حالاً من مخيم «داداب» للاجئين الصوماليين في كينيا، الذي يُعتبر أكبر مخيم في العالم. تأسس مخيم «داداب» في عام 1991 بعد سقوط الحكومة المركزية في الصومال، وهو يضم حوالى 300 ألف لاجئ غالبيتهم من الصوماليين الفارين من ويلات الحروب والمجاعات المتلاحقة. وعلى رغم أن المخيم بُني منذ 24 عاماً، لكن الحكومة الكينية تحظر بناء بيوت دائمة، وتبقى الخيام هي المسيطرة على المشهد العام فيه. قدم محمد عبد الله، وهو لاجئ صومالي ( 24 عاماً)، إلى المخيم منذ أن كان طفلاً في عام 1994، ويقطن في الأجزاء القديمة منه حيث تعيش الأسر تحت الخيام في بقعة من الصحراء، تتلاعب بها الرياح والعواصف الترابية. ويعيش عبد الله مع زوجته وابنته، وهم ثلاثة أجيال مختلفة كبرت وتربت في «داداب». يقول عبد الله: «لا أعرف أي بلد آخر، ما أعرفه هو فقط هذا المخيم»، مضيفاً: «لم يُسمح لي بالحصول على وظيفة مناسبة، ونحن نعتمد على الكينيين في شراء السلع من بلدي الصومال، كما ليس باستطاعتنا مغادرة المخيم». بني مخيم «داداب» في البداية ملجأ موقتاً ل 90 ألف لاجئ هربوا من الحرب الأهلية التي تجتاح الصومال المجاورة، ثم توسع ليصبح المخيم الأكبر في العالم، ومع ذلك ما زال ينمو ويتوسع وسط استمرار الصراع والمجاعة والفيضانات، ومواصلة الصوماليين عبور الحدود إلى المخيم. في ذروة المجاعة في الصومال في عام 2011، قدم الى «داداب» عشرات الآلاف من اللاجئين على متن حافلات أو عربات تجرها الحمير، هرباً من الجوع ومن ظلم وتطرف «حركة الشباب» التابعة إلى تنظيم «القاعدة». ووفق الأممالمتحدة، قتلت المجاعة في الصومال ربع مليون شخص كان معظمهم تحت سن السادسة. ومثل كل مخيمات اللاجئين، خُفّضت الحصص الغذائية بسبب النقص في التمويل، بالإضافة إلى عدم السماح للاجئين بالعمل خارج المخيم، ما تسبب في تفاقم الأزمة التي يعيشونها منذ عقود. ويكافح «برنامج الغذاء العالمي» للحصول على تمويل لعملياته في «داداب»، لكن حصصه انخفضت بنسبة 30 في المئة، ما يعني أن اللاجئين يحصلون الآن على أقل من ثلث الحد الأدنى الموصى به من جانب الأممالمتحدة نفسها. ويولد في المخيم حوالى 300 طفل في الشهر في واحد من أكبر المستشفيات في «داداب»، يُبصر كل منهم النور لاجئاً، حتى أن كثيرا من الآباء والأمهات ولدوا أيضا في المخيم. ويولد الأطفال بوزن أقل من نصف وزن أطفال يتمتعون بصحة جيدة. وفي المقابل، تقول منظمة «يونيسيف» إن أكثر من 156 ألفاً من الأطفال الذين وصلوا إلى سن الدراسة يعيشون في مخيم «داداب»، ثلثهم فقط يذهبون إلى المدارس. وما فاقم معاناة لاجئي «داداب»، ان الحكومة الكينية أمهلت الأممالمتحدة ثلاثة أشهر لنقل المخيم بعدما مسلحون «الشباب» 148 شخصاً في جامعة كينية. واتهمت الحكومة الكينية مسلحين من الحركة الصومالية المتطرفة بالاختباء في المخيم. وما زالت معاناة اللاجئين في مخيم «داداب» مستمرة. فهم عالقون داخل حدوده من دون عمل أو غذاء مناسب. يقول محمد عبد الله «أخاف من العودة إلى بلدي أكثر من أي شيء آخر، لكن الأوضاع هنا صعبة جداً. أعتقد بأن العالم نسينا».