أطلق قرار لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب الأميركي اعتبار المجازر العثمانية ضد الأرمن «إبادة جماعية»، بوادر أزمة بين الولاياتالمتحدة وحليفتها تركيا التي استدعت سفيرها في واشنطن، محذرة من «عواقب سلبية» قد تنجم من القرار «الهزلي». وكانت اللجنة أقرت ليل الخميس - الجمعة القرار الرقم 252 الذي يدعو الرئيس الأميركي باراك أوباما الى ان «يصف في شكل دقيق التصفية المنهجية والمتعمدة ل 1.5 مليون أرمني، بأنها إبادة جماعية». وعلى رغم ضآلة عدد النواب الأميركيين الذين تبنوا القرار غير الملزم للإدارة (23 مع و22 ضد)، أشعلت الخطوة فتيل أزمة بين أنقرةوواشنطن، اذ قال الرئيس التركي عبد الله غل ان القرار «لا قيمة له، وتركيا ليست مسؤولة عن العواقب السلبية التي يمكن ان تنجم عنه في كل المجالات». والتزمت إدارة أوباما الصمت حيال مشروع القرار، حتى الدقائق الأخيرة قبل المصادقة عليه، حين اتصلت وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون برئيس اللجنة هاورد بيرمان لمحاولة إقناعه بعدم التصويت عليه. وقال مسؤول في الخارجية الأميركية أن واشنطن ملتزمة «اعترافاً عادلاً وصريحاً بالوقائع المرتبطة بالأحداث التاريخية للعام 1915»، مبدياً قلقه من «تأثير القرار المحتمل على العلاقات مع الدول المعنية». ويمكن طرح القرار الآن للتصويت في مجلس النواب الأميركي بأكمله. لكن هذه الخطوة تتوقف على الرئاسة الديموقراطية للمجلس، والتي لم تدفع بعد في اتجاه تبنيه في جلسة عامة. واعتبر وزير الخارجية التركي أحمد داود أوغلو القرار «هزلياً»، مضيفاً: «هذه مسألة كرامة وطنية بالنسبة إلينا». وتركيا شريك استراتيجي للولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وعضو في حلف شمال الأطلسي، تستضيف قاعدة عسكرية أميركية في أنجيرلك، وتحتاج إليها واشنطن لدعم فرض عقوبات جديدة على طهران بسبب برنامجها النووي، إذ تشغل أنقرة مقعداً في مجلس الأمن. كما تنشد أميركا تعاونها في العراق وأفغانستان وفي عملية السلام في المنطقة. وثمة عقود عسكرية بين أنقرةوواشنطن، قد تتعرض للخطر. وسُئل داود أوغلو هل تفكر حكومته في خطوات للرد على القرار، فأجاب: «من المبكر جداً الحديث عن إجراءات محددة». لكنه لام الإدارة الأميركية التي «لم تتدخل في شكل كافٍ» لمنع القرار. وقال: «ننتظر من الإدارة ان تبذل جهوداً اكثر فاعلية» لمنع التصويت على القرار في جلسة عامة لمجلس النواب. وشكا من عدم وجود «رؤية استراتيجية» في واشنطن، قائلاً: «كان لدينا تعاون جيد مع الإدارة الأميركية على كل الصعد، ونتوقّع عدم التضحية بمساهماتنا، في ألاعيب سياسية محلية». وكان أوباما تعهد خلال حملته الانتخابية، الاعتراف بمجازر الأرمن بوصفها «إبادة»، لكنه أثار استياء الأرمن الأميركيين بإغفاله استخدام العبارة، في رسالة لمناسبة الذكرى في 24 نيسان (أبريل) 2009. وأشار داود أوغلو الى استدعاء الخارجية التركية السفير الأميركي في أنقرة جيمس جيفري، وتسليمه احتجاجاً، لافتاً الى ان المشاورات مع السفير التركي في واشنطن نامق طان الذي استُدعي بعد دقائق من تصويت اللجنة على القرار، «قد تستغرق وقتاً طويلاً». وكانت تركيا استدعت سفيرها في واشنطن العام 2007، عندما وافقت اللجنة البرلمانية ذاتها على قرار مماثل. آنذاك، حال الرئيس السابق جورج بوش دون طرح النص للتصويت على في الكونغرس. وأكد داود أوغلو عزم بلاده على «المضي قدماً في تطبيع العلاقات مع أرمينيا»، مستدركاً أن القرار حول الإبادة عرّض ل»الخطر» مصادقة البرلمان التركي على اتفاقات التطبيع مع يريفان. وقال: «لم نتخذ يوماً قراراً تحت الضغط، ولن نفعل ذلك». ورفض الوزير التركي التعليق على أي دور محتمل للوبي اليهودي الأميركي في تمرير القرار الذي يعكس تحوّل المزاج العام في مجلس النواب الأميركي حيال تركيا، خصوصاً في الأوساط القريبة من إسرائيل، وبينها لجنة العلاقات الخارجية المستاءة من الخطاب التركي تجاه الدولة العبرية. ووصف بيرمان تركيا بأنها «حليف حيوي ووفيّ في كل معنى الكلمة للولايات المتحدة في منطقة مضطربة»، مستدركاً: «لا شيء يبرر تجاهل تركيا حقيقة الإبادة الأرمنية. على كل أمة أن تتصالح في مرحلة ما مع تاريخها، وهذا كل ما نطلبه من تركيا». ورحّب وزير الخارجية الأرميني إدوارد نالبديان بالقرار، معتبراً انه «دليل إضافي على تمسك الشعب الأميركي بالقيم الإنسانية العالمية، وخطوة مهمة نحو تفادي الجرائم ضد الإنسانية». في المقابل، اعتبر برلمان أذربيجان ان «تبني القرار قد يقلّص كل الجهود السابقة لتسوية مشكلة ناغورنو قره باخ، إلى الصفر».