كشفت صور ومقاطع فيديو أوردتها منظمة «هيومن رايتس ووتش» الأحد الماضي، استخدام قنابل عنقودية من طراز «سي بي بي إس» الروسية المتقدمة للمرة الأولى في سورية، وذلك خلال غارة استهدفت محيط بلدة كفر حلب، في 4 تشرين الأوّل (أكتوبر) الحالي. وقالت المنظمة المعنية بحقوق الإنسان إن "استخدام القنابل العنقودية في قصف كفر حلب معناه استخدام القوات الروسية للقنابل، أو إمداد القوات السورية بها". وقال نائب مدير المنظمة في الشرق الأوسط نديم حوري إن "استخدام هذا النوع من القنابل أمر مؤسف وغير مقبول من روسيا أو النظام السوري، يجب عليهم الاشتراك في تحريم استخدامها". والقنابل العنقودية أسلحة غير تقليدية محرمة دولياً، وهي تتكون من عبوة ينطلق منها عدد كبير من القنابل الصغيرة في الهواء، وتستخدم للهجوم على أهداف مختلفة مثل العربات المدرعة أو الأشخاص، أو لإضرام الحرائق. ويفتقر هذا النوع من القنابل إلى التوجيه الدقيق لأنها تغطي مساحات واسعة بعد إنفصال القنابل الصغيرة الموجودة بداخلها، ويزيد احتمال انحرافها لإطلاقها من ارتفاعات عالية أو متوسطة. وتبدأ القذيفة في الدوران أثناء سقوطها ويساعدها في ذلك زاوية الذيل ليرتفع عدد دوراتها إلى 2500 دورة في الدقيقة الواحدة، وقد يصل إلى 6000 دورة في الدقيقة، بحسب وزن القنبلة. وتفتح علبة القنابل الصغيرة على ارتفاعات محددة مسبقاً، ويساعدها في الانتشار سرعة دوران الجسم مسببة ضرراً في مساحة واسعة، وقد لا تنفجر هذه القنابل عند إلقائها، لتصبح ألغاماً أرضية قابلة للإنفجار في أي وقت. وأشار تقرير صادر عن المنظمة إلى استخدام خمس دول للقنابل العنقودية خلال العام الجاري، منها ليبيا بعدما تم إلقاء ذخائر عنقودية على منطقتين فيها مطلع العام 2015، من دون أن يتسنى تحديد المسؤول بشكل دقيق، والسودان في جنوب ولاية كردفان في النصف الأول من العام 2015. وتعد حال سورية الأسوأ عالمياً في استخدام هذا النوع من الذخائر، بعدما وثقت الشبكة السورية لحقوق الإنسان نحو 83 هجوماً بالذخائر العنقودية، في الفترة من 25 كانون الثاني (يناير) وحتى 21 أيلول (سبتمبر) الماضيين. وتسببت هذه الهجمات بمقتل نحو 49 شخصاً، بينهم مقاتل واحد فقط، و48 مدنياً بينهم 16 طفلاً وأربع نساء، وإصابة 250 بجروح. وتسببت مخلفات الذخائر في مقتل ما لا يقل عن 15 شخصاً، بينهم سبعة أطفال وثلاث نساء. أي أن مجموع الضحايا بلغ 64 شخصاً، نحو 50 في المئة منهم نساء وأطفال، و98 في المئة منهم من المدنيين. ووقع ممثلو نحو مئة دولة عام 2008 في العاصمة النرويجية أوسلو على اتفاقية لحظر القنابل العنقودية. وبموجب هذه الاتفاقية يمنع إنتاج القنابل العنقودية واستخدامها وتخزينها والاتجار بها، بل إن الاتفاقية تلزم الموقعين عليها بمساعدة ضحايا هذه القنابل دولا كانوا أو أفرادا. ونصت المادة الأولى من الإتفاقية على حظر استعمال وحيازة أو انتاج القنابل العنقودية، أو المساعدة على ذلك. وفي المادة الخامسة أكدت الاتفاقية ضرورة مساعدة ضحايا هذه القنابل. وجاء في النص: "توفر كل دولة طرف لضحايا الذخائر العنقودية في المناطق المشمولة بولايتها أو الخاضعة لسيطرتها، وفقا للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان الواجبي التطبيق، ما يكفي من المساعدة المراعية للسن والجنس، بما فيها الرعاية الطبية والتأهيل والدعم النفساني، وتكفل كذلك إدماجهم الاجتماعي والاقتصادي. وتبذل كل دولة طرف كل جهد لجمع بيانات ذات صلة يعوَّل عليها فيما يتعلق بضحايا الذخائر العنقودية". واستناداً إلى تقرير مراقبة الذخائر العنقودية لسنة 2015، قامت الدول الأعضاء بتدمير 1.3 مليون ذخيرة عنقودية مخزنة تحتوي على 160 مليون ذخيرة صغيرة، أي 88 في المئة من جميع الذخائر العنقودية، و90 في المئة من الذخائر الصغيرة التي أعلنت الدول الأطراف أنها تخزنها.