حمت تداعيات اشتعال النيران في مباني المنطقة التاريخية في وسط جدة، وفيما تواصل «مدني جدة» مهمات تتبع ألسنة اللهب وإخمادها، تعالت أصوات المطالبة بإنهاء مسلسل اندثار التراث «الحجازي» من «التاريخية»، إذ طالب مدير إدارة تأهيل العمران في المنطقة التاريخية في وسط جدة الدكتور عدنان عدس إدارة الدفاع المدني بالكشف عن الأسباب الرئيسة لنشوب الحريق في المنطقة التاريخية وسط جدة أول من أمس (لا زال مستمراً حتى ساعة إعداد الخبر)، خصوصاً أنها تتكرر بين الحين والآخر. فيما أجّل مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة العميد عبدالله جداوي الحديث عن أسباب الحريق، إلى حين الانتهاء من ملاحقة ألسنة اللهب وإخماد الحريق بالكامل، لافتاً إلى أن نتائج التحقيقات في الأسباب ستعلن فور الانتهاء من عمليات التحقيق، خلال الأيام القليلة المقبلة. بدوره، عزا مدير إدارة تأهيل العمران في المنطقة التاريخية في وسط جدة الدكتور عدنان عدس سبب عدم إخلاء المنطقة التاريخية من السكان حتى الآن، إلى عدم تنفيذ قرارات أمانة محافظة جدة في هذا الخصوص. وقال ل «الحياة»: «يقتصر عملنا على وضع عدد من الإشعارات بضرورة مراجعة مالك العقار لإدارتنا في أمانة محافظة جدة تمهيداً لإخلائها، على أن يقطع التيار الكهربائي عن المبنى بعد الإشعار الثالث في حال عدم تجاوب مالكه أو قاطنيه». مؤكداً أنهم استطاعوا إخلاء عدد من المنازل التي تجاوب ملاكها مع إشعارات «أمانة جدة»، في حين لم يتم إخلاء غالبية منازل «تاريخية جدة»، نظراً إلى عدم تجاوب عدد كبير من ملاكها مع إشعارات «أمانة جدة» الرامية إلى إخلائها من السكان بهدف تطوير المنطقة التاريخية. وقال: «للأسف، إن البعض من السكان في تلك المباني الواقعة داخل المنطقة التاريخية يعملون على إعادة التيار الكهربائي بطرق غير مشروعة و«بدائية»، مما يتسبب في وجود توصيلات غير نظامية وغير آمنة داخلها، ومن المتوقع أن يكون الماس الكهربائي أحد أسباب تلك الحرائق المتكررة في المنطقة التاريخية». ولخّص الدكتور عدس مشكلة المنطقة التاريخية في جدة في «سوء استخدام مبانيها، سواء من قبل ملاكها أو القاطنين فيها»، وقال: «يلجأ ملاك تلك العقارات إلى تأجيرها لعدد كبير من العمالة الوافدة التي تفضلها عن بقية بنايات محافظة جدة، نظراً إلى تدني قيمة إيجارها، قبل أن تسيء استخدامها بشتى الوسائل والطرق، خصوصاً أن غالبيتهم يستأجرون غرفة واحدة داخل المبنى يستخدمون داخلها أدوات الطبخ والمواقد، مما يتسبب في وقوع حوادث مروعة عدة واشتعال حرائق متكررة ناجمة عن سوء استخدام الغرف السكانية في المباني العتيقة داخل المنطقة التاريخية». ولفت إلى تنفيذ مشروع التطوير من خلال مراحل عدة. مؤكداً توقيع عقد مع شركة متخصصة لتطوير المنطقة التاريخية، ويقع على عاتقها إعادة ترميم تلك المباني الأثرية وتوفير متطلبات السلامة فيها. وشدد مدير إدارة تأهيل العمران في المنطقة التاريخية في وسط جدة على أن دورهم «إشرافي على الموقع، إذ تقتصر مشاريع أمانة محافظة جدة على أعمال السفلتة والإنارة داخل المنطقة التاريخية»، واستدرك: «ليس من اختصاصنا عملية المحافظة على المباني العتيقة، خصوصاً بعد توقيع عقد لصيانتها وترميمها مع شركة متخصصة، بعد الاتفاق مع ملاكها». مشيراً في الوقت ذاته إلى عدم وجود توجه لتسليم المنطقة التاريخية إلى الهيئة العليا للسياحة والآثار، «في الوقت الراهن». وفي جانب آخر، قال مدير إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة العميد عبدالله جداوي ل «الحياة»: «لم تعرف حتى الآن الأسباب التي أدت إلى اشتعال الحريق في المنطقة التاريخية، خصوصاً أن التحقيقات لا تزال مستمرة ولم تنته إلى الآن». موضحاً أنه من المتوقع أن يتم الإعلان عن نتائج تلك التحقيقات خلال الأيام المقبلة. واعترف «مدير مدني جدة» بأن المنطقة التاريخية في وسط جدة لا تزال تشكل خطراً كبيراً حتى الآن، «إذ لا تزال هناك حرائق لم يتم إطفاؤها لحد الآن، إضافة إلى وجود عدد من المباني الآيلة للسقوط في أي لحظة مما يصعب دخول فرق التحقيق للموقع حالياً». مؤكداً أن فرق الدفاع المدني لا تزال تعمل على إطفاء الحرائق في المنطقة التاريخية في وسط جدة. وقال جداوي ل «الحياة»: «يسهل اشتعال الحرائق في مباني هذه المنطقة التاريخية، نظراً إلى طبيعتها وتصميمها الذي يشغل فيه الخشب جزءاً كبيراً من المبنى، ما يجعلها سريعة الاشتعال ويسهّل نقلها لللهب». وفي سياق متصل، قال رئيس المجلس البلدي في محافظة جدة الدكتور حسين باعقيل ل «الحياة»: «طالبنا أمانة محافظة جدة أكثر من مرة بأهمية توافر مواصفات السلامة داخل المنطقة التاريخية، حرصاً على عدم تكرار الحرائق فيها، ولا زلنا في انتظار تقرير الدفاع المدني لمعرفة السبب الرئيس لاشتعال الحريق الأخير في مبانيها». وأضاف: «سيعقد المجلس اجتماعاً طارئاً يوم غد (السبت) لمناقشة موضوع الحرائق في المنطقة التاريخية، خصوصاً أننا طالبنا في أكثر من اجتماع بضرورة التصدي لهذه الحرائق، ووضع شروط ومعايير للأمن والسلامة لمباني المنطقة التاريخية، خصوصاً أن مباني المنطقة لا تتوافر فيها مقومات الأمن والسلامة».