أجرت إيران أول من أمس (الأحد) تجربة وصفتها بأنها ناجحة، على جيل جديد من الصواريخ الباليستية البعيدة المدى، تمثلت بإطلاق صاروخ «عماد» الذي يبلغ مداه 1700 كيلومتر، وهو النسخة الأحدث من صاروخ «شهاب -3» ذي المدى ذاته. وأعلنت وزارة الدفاع الإيرانية أن الصاروخ الجديد يعمل بالوقود السائل ويتمتع بدرجة دقة في إصابة الهدف ضمن قطر يبلغ 500 متر، ويبلغ وزن حشوته 750 كيلوغراماً. وتشكل الصواريخ البالستية تحدياً استراتيجياً كبيراً في عالم تسوده الحروب والصراعات والسباق على التسلح وبسط النفوذ والهيمنة. ووصلت ترسانة بعض الدول من هذا السلاح إلى مستوى ضخم كفيل بتدمير مدن بأكملها. ويبدو أن الصواريخ البالستية ستشكل التهديد الرئيس في صراعات المستقبل. ولكن، متى بدأ تصنيع هذه الأسلحة الخطيرة، ومن هي أبرز الدول في هذا المجال؟ تعود فكرة الصواريخ البالستية إلى فترة الحرب العالمية الثانية، عندما صمم المهندس الألماني فيرنر فون براون قذيفة صاروخية مجنحة متوسطة المدى (أي 4 بي)، واستخدمتها ألمانيا النازية في شكل واسع في نهاية الحرب لضرب المدن البريطانية والبلجيكية. وفي الوقت نفسه، بدأت ألمانيا بتطوير صاروخ بالستي عابر للقارات هو (أي9 أي10) صممه فون بروان أيضاً من أجل ضرب مدينة نيويورك والمدن الأخرى. وبعد الحرب مباشرة، نقل فون براون وعدد من العلماء الألمان إلى الولاياتالمتحدة للعمل مع الجيش الأميركي وتطوير الصواريخ البالستية المتوسطة المدى والعابرة للقارات. ومع بداية الحرب الباردة اشتدت وتيرة التنافس، وبدأ الاتحاد السوفياتي آنذاك، تطوير برنامج الصواريخ العابرة للقارات تحت إشراف مهندس قوى الدفع سيرغي كوروليوف، الذي قام ببناء الصاروخ «آر 1» معتمداً على تصميم الألماني فون براون، ثم طوره بعد ذلك إلى «آر 7». ونجح اختبار هذا الصاروخ في آب (أغسطس) 1957، وحمل أول قمر اصطناعي روسي «سبوتنيك» في 4 تشرين الأول (أكتوبر) 1957 إلى الفضاء الخارجي. في المقابل، بدأت أميركا بتطوير برنامج جديد للصواريخ البالستية العابرة للقارات «أم إكس 774» و«بي 6» الذي سمي بعدها «أطلس»، ونجح في الاختبار في 17 كانون الأول (ديسمبر) 1957. وتصنف الصواريخ البالستية إلى صواريخ قصيرة المدى (أس آر بي أم)، ومتوسطة المدى (أم آر بي أم)، وما فوق متوسطة المدى (أي آر بي أم)، وطويلة المدى أو عابرة القارات (أي سي بي أم)، وصواريخ الغواصات البالستية (أس أل بي أم). وكل نوع من هذه الأسلحة له نماذج عدة وأجريت عليه عمليات تطوير كبيرة. وبدأ انتشار الصواريخ البالستية يتصاعد منذ منتصف العام 1960، إلى أن وصل عدد الدول التي تملكها إلى حوالى 25 دولة، منها تسع دول فقط تشغل أنظمة الصواريخ التكتيكية ذات المدى الأقل من 300 كيلومتر، وعشر دول تشغل صواريخ «سكود» الروسية. ووفق مجلة «جينز ديفنس ويكلي» البريطانية، فإن الصواريخ البالستية ذات المدى الأكثر من 1000 كيلومتر تستخدمها دول محدودة. وتمتلك الصين والهند وإيرانوكوريا الشمالية وباكستان فقط صورايخ بمدى ما بين (1000 و2500 كيلومتر)، بينما الصواريخ المتوسطة المدى حاملة الرؤوس النووية التي يبلغ مداها ما بين (2500 و5500 كيلومتر)، موجودة في الصين والهند وإسرائيل وباكستان. أما بالنسبة إلى الصواريخ العابرة للقارات فتعد ضمن تسليح الصين وفرنسا وروسيا والمملكة المتحدة وأميركا. وتسعى دول عدة إلى زيادة ترسانتها من هذه الصواريخ وتطويرها في شكل دائم، إضافة إلى سعيها إلى امتلاك صواريخ عابرة للقارت، وكسر احتكار الدول الكبرى لها. وأخيراً أعلنت كوريا الشمالية، على سبيل المثال، عن امتلاكها صواريخ طويلة المدى قادرة على الوصول إلى ولاية آلاسكا الأميركية، وفق وزارة الدفاع الكورية الشمالية.