لليوم الثالث على التوالي، واصل محتجون أكراد اقتحام مكاتب الحزب «الديموقراطي»، بزعامة مسعود بارزاني، وأحزاب أخرى في جنوب وشرق كردستان على خلفية الأزمتين الاقتصادية والرئاسية، واتهمت حركة «التغيير» «الديموقراطي» بالعمل على تعطيل العملية السياسية في الإقليم، فيما دعا رئيس الحكومة حيدر العبادي الأكراد إلى حل مشاكلهم مع بغداد بالطرق القانونية والدستورية. وتشهد محافظة السليمانية والمناطق الجنوبية والشرقية من الإقليم الكردي، منذ ثلاثة أيام، أعمال عنف أسفرت عن قتل خمسة أشخاص وإصابة العشرات خلال احتجاجات على تأخر الرواتب ومطالب بإجراء إصلاحات، بعد فشل القوى السياسية في حل أزمة رئاسة الإقليم. اعتداءات وأحرق محتجون أمس مقراً للحزب «الديموقراطي» في منطقة «حلبجة الجديدة»، في إطار سلسلة اعتداءات طاولت مقرات الحزب في مناطق كرميان والسليمانية، وتحديداً في منطقتي قلعة دزة وشارزور، على رغم إخلاء معظم المكاتب وتسليمها إلى الأجهزة الأمنية، كما اقتحم متظاهرون مقرات عدد من الأحزاب، وأنزلوا أعلامها ورفعوا مكانها أعلام الإقليم، فضلاً عن قطع طريق رئيسي بين مدينتي كلار وكفري. وكشف «الديموقراطي» في بيان أمس أن «اثنين من كوادره استشهدا وأصيب تسعة آخرون في الاعتداءات على مكاتبه»، داعياً إلى «وضع حد لهذا التراث الفاشي». وأعلن مساء السبت تعطيل الدوائر الحكومية في مناطق الأحداث، وتوقفت خدمة مواقع التواصل الاجتماعي «الفايسبوك» و»تويتر» ساعات في محافظتي أربيل ودهوك الواقعتين ضمن نفوذ «الديموقراطي»، في موازاة غلق مكاتب قانتي «كي إن إن» التابعة لحركة «التغيير»، وفضائية «إن آر تي» المستقلة في المحافظتين، وترحيل كوادرهما الإعلامية إلى السليمانية، على ما قال مسؤولون في القناتين، واستنكرت منظمات حقوقية تعرض صحافيين ووسائل الإعلام لاعتداءات. ووصف عضو المكتب السياسي ل «الديموقراطي» مستشار مجلس أمن الإقليم مسرور بارزاني في تغريدة عبر «تويتر» الأحداث بأنها «مخطط أعده نشطاء من حركة التغيير، يصب في مصلحة أعداء الشعب الكردي»، واتهم الأجهزة الأمنية في السليمانية التي يديرها حزب «الاتحاد الوطني»، بزعامة جلال طالباني» ب «الفشل نتيجة عدم المبالاة». صلاحيات الرئيس وعقدت المكاتب السياسية لكل من أحزاب «الديموقراطي» و»التغيير» و»الاتحاد الوطني» اجتماعات منفصلة، فضلاً عن اجتماع آخر جمع الأطراف الأربعة المطالبة بتحديد صلاحيات الرئيس. وحمّلت «التغيير» في بيان عقب الاجتماع «الديموقراطي مسؤولية التوتر نتيجة بلوغ الجماهير مرحلة الانفجار من مواقفه. وأصدر بياناً كله تضليل وتشهير وتهم ملفقة، ينم عن نفس سنوات الحرب الداخلية، ولم يعد يملك روح المسؤولية في حل الأزمات، وهو يسعى إلى ضرب العملية السياسية والإصلاحات، وتعطيل البرلمان من أجل ضمان منصب الرئيس»، وذلك رداً على إلقاء «الديموقراطي» مسؤولية الأحداث على زعيم «التغيير» نوشيروان مصطفى الذي يزور ألمانيا حالياً. ودعا حزب طالباني اعضاءه، الى «الحفاظ على الاستقرار، وضرورة الابتعاد عن العنف في التعامل مع المتظاهرين السلميين»، معرباً عن دعمه «مطالب التظاهرات السلمية واستنكار كل أشكال العنف». وبحث رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي في اتصال مع بارزاني «تطورات الأحداث والخلافات بين الإقليم وبغداد، وتوحيد الجهود للقضاء على تنظيم «داعش»، وفي اتصال مماثل دعا رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري القوى الكردية إلى «التحلي بالحكمة والحوار، وتغليب مصلحة الإقليم والعراق». وقال العبادي في بيان تسلمت «الحياة» نسخة منه إن «على حكومة إقليم كردستان، والقوى السياسية كافة بذل أقصى جهد للحفاظ على الأمن والاستقرار والتهدئة»، داعياً إلى «حل المشاكل عبر الحوار والطرق الدستورية والقانونية وتجنب اللجوء إلى القوة». وأبدى أسفه لوقوع ضحايا وأعمال عنف خلال التظاهرات وبعدها، مؤكداً ضرورة «احترام حق التظاهر السلمي وحماية المتظاهرين وأمن المواطنين وممتلكاتهم والممتلكات العامة».