تشهد الأراضي الفلسطينيةالمحتلة منذ أيام أجواء من التوتر والغليان، إثر تزايد الاستفزازات الإسرائيلية واعتداءات المستوطنين على المسجد الأقصى المبارك. وتتسارع الأحداث، وفي مقدمها عمليات الطعن التي قام بها شبان فلسطينيون في أماكن عدة، إضافة إلى مواجهات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي وشرطته، مدعومة بما يسمى «المستعربين» الذين ساهموا باعتقال عدد من الشبان الفلسطينيين. و «المستعربون» هم عناصر تابعة لقوات الأمن والجيش الإسرائيلي، ترتدي اللباس الفلسطيني، يتسلل أفرادها ملثمين إلى تجمعات الشبان الفلسطينيين أثناء مواجهتهم القوات الإسرائيلية، ويقومون باستدراجهم والمساهمة في اعتقالهم وتسليمهم إلى سلطات الاحتلال وقتلهم في بعض الأحيان. ونشر المصور الفلسطيني سامر نزال صورة عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي «فايسبوك» يظهر فيها شيخ فلسطيني يقوم بتفتيش عدد من الشبان المشاركين في الاحتجاجات ضد جنود الاحتلال الإسرائيلي. وكتب نزال معلقاً على الصورة: «في البداية ظننت أنه أتى ليأخذ ابنه ويبعده عن المواجهات، ثم تبين لي أنه جاء ليساعد في حماية الشباب من المستعربين ويفتش أي شخص يشك في أنه منهم. كما تبين لي أنه ليس الوحيد الذي يفعل ذلك، بل هناك كثيرون غيره يراقبون المتظاهرين لكشف المستعربين المندسين بينهم. ما أجملك أيها الوطن عندما يكون أهلك يداً واحدة». وظهر الشيخ وهو يقوم بتفتيش حقيبة لأحد الشبان، إضافة إلى قيامه، وفق نزال، بتفتيش كل شخص يكون لديه شكوك في أنه ينتمي إلى فئة «المستعربين» الذين يعتبرون ذراع الشرطة الإسرائيلية للاعتداء واستدراج الشبان الفلسطينين تمهيداً للقبض عليهم أو قتلهم. ولاقت الصورة تفاعلاً كبيراً منذ نشرها، إذ حصلت على أكثر من 3500 إعجاب، وتمت مشاركتها من جانب 224 حساباً على «فايسبوك»، وحظيت بمئات التعليقات التي عبرت عن إعجابها بهذا الشيخ وتشديدها على الوحدة والتضامن الفلسطينيين والدعاء بحفظ فلسطين وأهلها. وكتب فراس أبو فارس: «تعود بنا الذكريات إلى أيام الانتفاضة الأولى. والدتي حاولت يومها منعي من الخروج مع الشبان الغاضبين، وفي النهاية، عندما تحدث مواجهات كانت تخرج بين أزقة المخيم لتخبر الشباب عن أماكن تمركز الجيش الصهيوني وفي أي شوارع يسيّر دورياته. حمى الله كل شباب فلسطين من مكر بني صهيون». وفيما تغنت عبير الخطيب بأهمية الوحدة فكتبت: «ما أجملنا عندما نكون يداً واحدة»، علّق ماهر الطويل قائلاً: «هذا أسلوب رائع، ليس للحظة التفتيش، ولكن للمستقبل. فالمستعربون يخافون أن يدخلوا بين المتظاهرين إذا كان عندهم شك في احتمال تفتيشهم». وأجمع المعلقون على مدح الشيخ وعمله وتمنوا أن يعمم فعله في كل المناسبات التي يُشك بوجود «مستعربين» خلالها. ويعود تاريخ إنشاء وحدات «المستعربين»، إلى بدء الهجرة الصهيونية إلى فلسطين، وكانت رأس حربة لمنظمة «هاغانا» الصهيونية في اختراق المجتمع الفلسطيني. وبعد إنشاء دولة إسرائيل في عام 1948، دمجت وحدات المستعربين في «جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي» (شاباك). ويقوم عناصر هذه الوحدات بالتجوّل في المناطق الفلسطينية ويتخفون بلباس مواطنين فلسطينيين، ويتم اختيارهم تبعاً للمهمة واحتياجاتها. وقامت هذه الوحدات بعمليات اغتيال عدة لعدد من القيادات والناشطين الفلسطينين، إضافة إلى عمليات تتبع وتقصي معلومات حول الشبان المشاركين في الاحتجاجات ضد الاحتلال الإسرئيلي، وأحياناً تقوم باستدراجهم إلى أماكن بعيدة من تجمعات رفاقهم للقبض عليهم وتسليمهم إلى جنود الاحتلال أو قتلهم. وفي أحدث التطورات في الأراضي الفلسطينية، استشهدت امرأة فلسطينية وابنتها في غارة شنها الطيران الإسرائيلي على قطاع غزة فجر اليوم (الأحد). وكان سبعة شهداء سقطوا أمس بنيران الاحتلال، اثنان في غزة واثنان في القدس، وثلاثة استشهدوا متأثرين بجراح أصيبوا بها سابقاً. ولا تزال الأحداث تتصاعد يوماً بعد آخر، فيما توقع كثر من المتابعين أن تسفر عن انتفاضة ثالثة.