تخيّم أجواء من التوتر والغليان على الأراضي الفلسطينية في ضوء تزايد الاستفزازات الإسرائيلية واعتداءات المستوطنين، وما يرافق ذلك من مواجهات فلسطينية مع قوات الاحتلال أو هجمات فردية كان آخرها هجومي طعنٍ في القدسالمحتلة أسفرا عن مقتل إسرائيلييْن، وأغلقت على أثرهما سلطات الاحتلال البلدة القديمة في القدسالمحتلة، وشنت عمليات في أحياء في المدينة، وفي أنحاء متفرقة من الضفة الغربية، فيما قام المستوطنون بمهاجمة الفلسطينيين وتخريب ممتلكاتهم. وفتحت التطورات الميدانية الأخيرة الباب واسعاً أمام تكهنات شتى للأيام المقبلة، أحدها التهديد الإسرائيلي باجتياح واسع للضفة الغربية على غرار عملية «السور الواقي» عام 2002، وذلك رداً على «انتفاضة ثالثة» أكد الإعلام الإسرائيلي أنها اندلعت، في وقت توالت الاتهامات إلى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتانياهو ب «فقدان السيطرة» الأمنية، وأخرى تحمّل الرئيس محمود عباس المسؤولية بسبب التحريض. وسارع نتانياهو إلى عقد جلسة مشاورات أمنية طارئة عقب عودته من نيويورك عصر أمس للبحث في الوضع الأمني، خصوصاً بعد الهجوم الذي تعرض اليه من داخل حكومته ومن المعارضة على السواء، وما تضمنه من دعوات الى اجتثات «الإرهاب»، وتوسيع الاستيطان، وضم المناطق «ج» في الضفة الى إسرائيل، ورفض حل الدولتين. وجاء التهديد الأشد على لسان القائم بأعمال رئيس الحكومة، وزير المواصلات يسرائيل كاتس الذي لوّح باجتياح الضفة، وقال: «إذا اضطررنا، سنشن حملة السور الواقي 2 من أجل تعزيز الأمن للإسرائيليين». في السياق نفسه، انتقد زعيم «إسرائيل بيتنا» اليميني المعارض أفيغدور ليبرمان عدم إعطاء الأوامر للجيش للقيام بحملة ثانية من «السور الواقي»، وقال للإذاعة العامة: «إذا ما أردنا فعلاً منع انتفاضة ثالثة، علينا القيام بهجوم الآن، والمبادرة إليه لضمان الأمن للمستوطنين في الضفة وسكان القدس». ووسط حال من التخبط والارتباك التي سادت إسرائيل، تصدر عنوان «الانتفاضة الثالثة» صدر صحيفة «يديعوت أحرونوت» التي كتب كبير معلقيها ناحوم بارنياع: «هذه انتفاضة، الانتفاضة الثالثة. من المهم أن نسميها بمسمّاها لأن تسمية أخرى تتيح للمستوييْن السياسي والعسكري التنصل والهرب من المسؤولية»، مستذكراً أجواء مماثلة عشية الانتفاضة الأولى (عام 1987)، و»في حينه أيضاً استبعد الجيش اندلاع انتفاضة». واتهمت أجهزة الأمن الإسرائيلية قيادات حركة «الجهاد الإسلامي» في غزة والخارج بإصدر تعليمات الى عناصرها بإشعال الأوضاع في الضفة، مستغلة ما وصفته ب «التحريض المجنون الذي يقوم به الرئيس عباس ضد إسرائيل داخلياً وفي المحافل الدولية»، ومشيرة الى فتور التنسيق الأمني من جانب السلطة. رغم ذلك، قال الجنرال في الاحتياط آفي مزراحي، القائد السابق لما يُسّمى المنطقة الوسطى في الجيش، أيْ المسؤول عن الضفّة، للقناة الثانيّة في التلفزيون الإسرائيليّ، إنّه «لا يُمكن لنا أنْ نجد اليوم لدى الفلسطينيين شريكاً أفضل من عباس»، مُشدداً على أنّ التنسيق الأمنيّ وصل في الأيّام الأخيرة إلى ذروته، لافتاً إلى أنّ حديثه يعتمد على حقائق ومعلومات مؤكّدة. وحذرت الأذرع العسكرية ل «كتائب الأقصى» التابعة لحركة «فتح» من أي مس بالرئيس عباس في ظل تزايد حملة التحريض ضده ومحاولات تحميله المسؤولية.