تختلف الشركات في شروط شغل الوظائف المتاحة في كل منها، لكنها تتفق عادة في شرط حصول المتقدم على الشهادة الجامعية، على العكس من شركة «ارنست آند يونغ»، إحدى أهم شركات التوظيف في المملكة المتحدة التي خالفت هذه القاعدة، عندما ألغت حديثاً هذا الشرط، معتبرة أن لا دليل على ارتباط النجاح المهني بالإنجاز الأكاديمي. ولعل الشركة استندت في قرارها إلى كثير من التجارب التي أكدت أن التعليم الجامعي أو العام، ليس شرطاً للنجاح. ولعل أفضل نموذج في هذا السياق تجربة ويليام هنري غيتس الثالث الذي ترك دراسته في جامعة «هارفارد»، العام 1970، وأسس شركته بعد ست سنوات، ولم يعد إلى مقاعد الدراسة أبداً. وهو تصدر خلال الأعوام من 1995 وحتى 2014 قائمة مجلة «فوربس» لأثرى الناس في العالم. هو بيل غيتس، وشركته اسمها «مايكروسوفت». تجربة مشابهة عاشها المؤسس المشارك لشبكة التواصل الاجتماعي «فايسبوك»، مارك زوكربيرغ. عمره 32 عاماً، تجاوزت ثروته في آذار (مارس) الماضي 35 بليون دولار. ترك الأميركي الشاب دراسته في جامعة «هارفارد» للعمل بدوام كامل على موقعه الذي قدمه بداية إلى عدد من الجامعات، قبل أن يبلغ عدد مستخدميه العام 2012 نحو بليون شخص حول العالم. ولم يكمل الإسباني بابلو بيكاسو، الرسام والفنان التشكيلي والنحّات، وأحد أبرز رسامي القرن ال20، ومؤسس «المدرسة التكعيبية الفنية»، تعليمه في «الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة»، في إسبانيا. وتؤكد كل ما سبق قصة المراهق الأميركي الذي أراد أن يسير على خطى أخيه روي الذي تم تجنيده في القوات البحرية الأميركية. ترك مدرسته في سن ال16 ليلتحق بالجيش، العام 1917، لكنه لم يُقبل لصغر سنه، فالتحق ب«منظمة الصليب الأحمر»، وعمل فيها سائقاً لسيارة إسعاف، وبعد عامين، طلب الأميركي والتر إلياس ديزني (والت ديزني) إعفاءه من مهماته في المنظمة الدولية. صار بعد ذلك كاتب سيناريو، مخرجاً، رجل أعمال ومنتجاً. فاز ديزني ب22 جائزة أوسكار، وأصبح أيقونة عالمية في مجال الرسوم المتحركة، ومالك إمبراطورية «ديزني». وتدعم تجربة المخترع ورجل الأعمال الشهير توماس ألفا إديسون، قرار الشركة البريطانية، إذ ترك المدرسة بعد بلوغه ال12 من العمر للعمل في السكك الحديد. اخترع الأميركي إديسون، المتوفى العام 1931، المصباح الكهربائي، وطوّر آلة التصوير الفوتوغرافي. وفي تجربة أكثر ارتباطاً بحياتنا اليومية، ترك ستيفن بول جوبز (ستيف جوبز)، المؤسس المشارك في «آبل»، والرئيس التنفيذي لشركة «بيكسار» للرسوم المتحركة، والعضو في مجلس إدارة شركة «والت ديزني»، مقعده الجامعي بعد فصل دراسي واحد فقط، ولو كان أكمل دراسته، لما رأينا، ربما، أجهزة «ماك»، «آي بود» أو «آيفون». ترك جوبز «آبل»، العام 1985 بعد خلاف مع مجلس الإدارة، لكنه عاد في أواخر العام 1990 في منصب الرئيس التنفيذي الموقت، عندما كانت الشركة تواجه الإفلاس. وفي حلول العام 2011، السنة التي توفي في الشهر العاشر منها، أصبحت «آبل» الشركة الأكبر حول العالم في قيمتها السوقية.