أعلنت «الإدارة الوطنية للملاحة الفضائية والفضاء الأميركية» (ناسا)، في مؤتمر صحافي الإثنين الماضي، اكتشاف مياه على سطح كوكب المريخ، بعد مهام عدة كان هدفها دراسة الكوكب الأحمر الغامض. وعلى رغم أهمية الإنجاز الذي حققته «ناسا»، غير أنها تكبدت خسائر كثيرة خلال مهماتها ال43 إلى المريخ، ومن أبرز الخسائر اختفاء المركبة المدارية «مارس كلايمت أوربيتير» العام 1999. وبلغت كلفة المركبة حوالي 125 مليون دولار، وصممتها «ناسا» لتكون قمراً اصطناعياً، لرصد العوامل المناخية بين الكواكب، إلا انها اختفت فجأة، ورجح العلماء احتراقها عند اقترابها من الغلاف الجوي للكوكب بسرعة كبيرة. ونشر علماء الوكالة في أيلول (سبتمبر) الماضي تقريراً جاء فيه أن «فشلاً في تحديد ونقل البيانات وتصحيحها بين فريق المركبة الفضائية في كولورادو، وفريق المهمة الملاحي في كاليفورنيا، أدى الى فقدان المركبة الأسبوع الماضي، اعتماداً على النتائج الأولية لبحث أجراه مختبر الدفع النفاث (جي بي ال)». وقال الدكتور ادوارد ويلر، من «ناسا»، إن «البشر يخطئون في بعض الأحيان، إلا أن المشكلة ليست في الخطأ. إنما في فشل النظم الهندسية التي تستخدمها ناسا في كشف الأخطاء»، موضحاً أن «هذا هو السبب في أننا فقدنا المركبة الفضائية». وتابعت الوكالة في تقريرها أن النتائج الأولية للتحقيق، أوضحت أن أحد الفريقين استخدم وحدات القياس الإنكليزية مثل «انش» و«فيت» و«باوند»، فيما استخدم الفريق الثاني «الوحدات المترية» في عمليات تشغيل المركبة الفضائية. وقال مدير «مختبر الدفع النفاث» (جي بي ال)، إدوارد ستون، إن «عدم قدرتنا على تحديد الخطأ وتصحيحه كان له تداعيات خطيرة». وأوضح تقرير موسع نشرته اللجنة الخاصة بالتحقيق في فشل مهمة «مارس كلايمت أوربيتير» أن «عوامل عدة أدت الى فقدان المركبة، من بينها الأخطاء البشرية، وعدم التدريب الكافي لموظفي عمليات المهمة، وأخطاء في أجهزة الكمبيوتر، وآلية عمل النظم الهندسية التي لم تكتشف عن وقوع الأخطاء، وعدم اطلاع الفريق الملاحي على التفاصيل الخاصة بالمركبة، وعدم استجابة محرك اختياري مخصص لرفع المركبة لأسباب متشعبة، إضافة الى المراسلات غير الرسمية بين فريق عمل المشروع، وعدم مراجعة تقارير فريق الملاحة من قبل خبراء مستقلين، وأخيراً عدم توضيح وتشريع المتطلبات الهندسية بين بعض مجموعات المشروع، وبين المشروع ومقاول المهمة الرئيس». يُذكر أن «مارس كلايمت أوربيتير» كانت واحدة من سلسلة مهام اكتشاف المريخ طويلة المدى، يديرها «مختبر الدفع النفاث» (جي بي ال) للوكالة الأميركية، مع شريكه المصنع «لوكهيد مارتن». والتقطت «ناسا» العام 1965 أول صورة قريبة للمريخ عبر المركبة الفضائية «مارينير 3 و4»، التي حلقت بالقرب من الكوكب، ثم بدأت في المرحلة الثانية باستكشافه عبر ارسالها المركبة المدارية «ماينير 9» العام 1971، والتي اعتبرت أول قمر اصطناعي في مدار المريخ على الاطلاق. وتابعت الوكالة إرسال مركبات فضائية في مرحلتها الثالثة من استكشاف المريخ ووصلت مركبة «فايكنغ» 1 و2 إلى الكوكب، وسجلت أول هبوط على سطحه العام 1976، وطورت مركبة «سوجورنير» لتتحرك على سطحه، مشيرة إلى أنها قد تتابع مستقبلاً دراسة عوامل الكوكب، باستخدام الطائرات والبالونات، وأن تستكشف التربة تحت سطحه أيضاً.