«فقدنا 25 في المئة من مياه القطب الشمالي خلال ثلاثة أعوام». هكذا بدأ الدكتور عصام حجّي، أستاذ علوم الفضاء في جامعة باريس والباحث في «مختبر الدفع النفّاث» في وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)، محاضرة ألقاها أخيراً في الجامعة الأميركية في القاهرة. وألقت محاضرته الضوء على أهمية استكشاف المياه في كواكب المجموعة الشمسية، خصوصاً كوكب المريخ، معتبراً أنها ربما مهّدت لسكنى البشر عليه. بديل قناة السويس استعرض حجّي (37 سنة) مجموعة بحوث لوكالة «ناسا» تتصل بالمياه، وضمنها دراسة عن تغيّر منسوب المياه في القطب الشمالي، أثبتت فقدان قرابة 25 في المئة من تلك المياة بين عامي 2005 و2008. وأشار إلى أن هذه المعدّلات السريعة من الفقد يترتب عليها مخاطر جمّة كانخفاض درجة حرارة المحيطات، وقلّة التبخّر من المسطّحات المائية ما يترافق مع تدنٍ في سقوط الأمطار وغيرها. أشار حجّي أيضاً إلى أن ذوبان الجليد في القطب الشمالي ساهم في فتح طريق ملاحي بين أوروبا وشرق آسيا بطول11 ألف كيلومتر، يمكن أن يكون بديلاً عن قناة السويس، بل أن أسطولاً تجارياً صغيراً (6 سفن) بدأ في عبور هذا الممر الملاحي الجديد. وفي العام 2004، قاد حجّي فريقاً من علماء وكالة «ناسا» في اكتشاف خزّان جوفي للمياه في صحراء شمال الكويت. للمرة الأولى، حدث هذا الاكتشاف من دون الاضطرار إلى استخدام أدوات حفر. إذ اعتمد الفريق على رادار ثُبّت في أسفل طائرة، استطاع أن يلتقط مجموعة صور لمقطع من الصحراء طوله 6.5 كيلومترات وعمقه 70 متراً. فتبيّن أنه خزان للمياه الجوفية. وبفضل هذا الاكتشاف، حصل الفريق على تمويل بقرابة 167 مليون دولار، استُعمِل في تصميم مركبة طولها 11 متراً تستخدم تكنولوجيا رادار يعمل بموجات منخفضة، ما يمكنه من تصوير مناطق صحراوية. ومن المزمع البدء في تجربة فعلية لهذا الرادار في العام 2016. وفي محاضرته عينها، لاحظ حجّي أن دول «الربيع العربي» هي أكثر البلدان العربية فقراً في الموارد المائية، مشيراً إلى أهمية الإنجاز الأميركي المتمثّل في إرسال مركبة «كيريوستي» إلى كوكب المريخ لمواصلة البحث عن المياه هناك. وأوضح ان الصور الملتقطة بواسطة مركبات فضائية اخرى، بيّنت وجود وديان جافة تشبه وديان على سطح كوكب الأرض، وبحيرة قديمة في المناطق الاستوائية على الكوكب الأحمر اتّخذت شكل تجمعات دائرية، ما يؤكد أن المياه كانت موجودة على سطح المريخ بما يسمح بالحياة. وأدلى حجّي بملاحظة مرهفة عن هذه الأمور قائلاً: «اكتشفنا المياه على سطح المريخ ولم نفلح في اكتشافها في بلداننا». وجاءت الملاحظة في سياق إشارته إلى العقبات التي تواجه البحث العلمي في مصر، على غرار المشاكل الأمنية التي ترفع حجّة في وجه بعض العلماء، إضافة إلى تعقيدات إدارية تواجه دخول الأجهزة المتطوّرة للبحث العلمي إلى البلاد. وطالب حجّي بضرورة تذليل العقبات أمام الباحثين إذا أرادت البلدان العربية رسم خريطة علمية لمواردها المائية الظاهرة والجوفية.