صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة لمصلحة مشروع قرار يعطي اسرائيل والفلسطينيين خمسة شهور إضافية لإجراء تحقيق «ذي صدقية» في الجرائم التي ارتكبت خلال الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة. جاء ذلك في وقت تواصل الغليان الفلسطيني ضد قرار ضم الحرم الابراهيمي ومسجد بلال بن رباح الى قائمة ما يسمى بالتراث اليهودي. وفيما سعت اسرائيل لدى السلطة الفلسطينية من اجل احتواء تبعات قرار الضم الذي اعتبره رئيس الحكومة سلام فياض «قراراً سياسياً خطيراً»، استعجلت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون المفاوضات «الجدية» بين اسرائيل والسلطة، واعتبرتها «بداية» للسلام الشامل. وقالت كلينتون عقب لقائها وزير الدفاع الاسرائيلي ايهود باراك في وزارة الخارجية الأميركية أمس أن واشنطن «ملتزمة السلام الشامل، بدءا باستئناف للمفاوضات الجادة بين الاسرائيليين والفلسطينيين وفي أسرع وقت ممكن»، مشيرة الى أن «حل الدولتين هو السبيل الأفضل لانهاء النزاع وضمان السلام والأمن والازدهار للاسرائيليين والفلسطينيين». قرار اقترحته دول عربية يطالب مجددا «الحكومة الاسرائيلية» و«الجانب الفلسطيني» باجراء «تحقيقات مستقلة وذات صدقية» في «الانتهاكات الجسيمة للقانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان والتي أوردتها بعثة تقصي الحقائق في تقريرها» (تقرير القاضي ريتشارد غولدستون)، وذلك «بهدف ضمان المساءلة والعدالة». وامهلت الطرفين خمسة شهور للقيام بذلك، وحذرتهما من «اجراءات اخرى» ستتخذها اجهزة الاممالمتحدة، بما فيها مجلس الامن، في حال عدم اجراء هذه التحقيقات. وصوتت 98 دولة مع القرار (الدول العربية وفرنسا وانكلترا والصين والنروج واسبانيا)، بينما امتنعت 31 دولة (بينها المانيا وايطاليا واستراليا وهولندا وروسيا). وصوتت ضد القرار 7 دول (بينها اسرائيل والولاياتالمتحدة وكندا)، وتغيبت 50 دولة. وبحسب التوقعات، صوتت الدول الاوروبية إما مع القرار، او امتنعت عن التصويت. وقال ممثل الولاياتالمتحدة الهاندرو وولف انه يجب على «الجميع ان يعمل للتقدم في قضية السلام وليس عرقلتها»، مضيفاً ان التحقيقات الداخلية التي يجريها الطرف الفلسطيني واسرائيل في الانتهاكات هي الحل المفضل للولايات المتحدة. وكرر اعتراض بلاده على نتائج «تقرير غولدستون». في غضون ذلك، تصدر القرار الاسرائيلي بضم الحرم الابراهيمي الى قائمة التراث اليهودي، التحركات الفلسطينية والعربية والاسلامية. اذ شهدت الخليل تظاهرة شارك فيها فياض الذي اعتبر ان القرار الاسرائيلي «يحمل بعداً سياسياً خطيراً ينطوي عليه من الناحية الفعلية ان هذه المناطق اسرائيلية». وقال ان ما حدث «استفزاز»، لكنه شدد على ان الفلسطينيين «لن ينجروا الى العنف». وكان رئيس الحكومة الاسرائيلية بنيامين نتانياهو اعلن اول من امس، نزولا عند الضغوط الاميركية، ان قرار حكومته «ليس سياسياً ولا يغير الوضع القائم». لكنه لم يبلغ حد الغاء القرار، في وقت باشر اركان حكومته جهودا سياسية لتهدئة المجتمع الدولي. وافادت صحيفة «معاريف» ان قادة اسرائيليين توجهوا الى السلطة الفلسطينية بطلب المساعدة في التهدئة، ولجم الاحتجاجات الشعبية. كما حملت تعليقات الصحف الاسرائيلية على نتانياهو، واعتبرت قراره «ليس حكيماً»، وانه «يتورط، بل للدقة، يورط الدولة في مسائل قابلة للاشتعال». وفيما تظاهر العشرات في خان يونس والمخيمات في دمشق نصرة للحرم الابراهيمي، طالبت مجموعة من سفراء الدول العربية والاسلامية لدى الاممالمتحدة الامين العام بان كي مون بالضغط على اسرائيل للتراجع عن قرارها. كما دعت «منظمة المؤتمر الاسلامي» الهيئات الدولية الى تحمل مسؤولياتها، معتبرة القرار الاسرائيلي «استفزازا خطيرا للمسلمين وللقانون الدولي يؤجج توترات خطيرة». إلى ذلك، شهد «المؤتمر الوزاري البيئي العالمي» الذي اختتم أعماله في بالي أمس، خلافات بسبب وثيقة أعدها برنامج الأممالمتحدة للبيئة عن الأوضاع البيئية المتدهورة في قطاع غزة بعد العدوان الإسرائيلي. واعترض الفلسطينيون والعرب على الوثيقة لدى طرحها لإقرارها، معتبرين أن خلاصاتها «أقل بكثير من الواقع»، واحتجوا على عدم الأخذ بتوصيات سابقة للجامعة العربية، فيما طلب الأوروبيون وممثل الولاياتالمتحدة إمهالهم للتشاور، ما كاد يرجئ إقرار الوثيقة إلى العام المقبل. غير أن الأطراف توصلت إلى تسوية بعد تقديم السعودية ملاحظات الجامعة مجدداً، فتم تعديل 4 فقرات في الوثيقة والموافقة عليها بالإجماع وإقرارها. وتركزت التعديلات على بنود تتعلق بالدعم المادي وأخرى من شأنها أن تسهل مهمة احتواء آثار العدوان وتعجل بها.