عشية الإعداد للقمة الأوروبية المغربية الأولى التي تحتضنها مدينة غرناطة الاسبانية في الثامن من آذار (مارس) المقبل تنفيذاً لاتفاق «الوضع المتقدم»، حصلت الرباط على دعمٍ مالي من الاتحاد الأوروبي بقيمة 108 ملايين يورو لتحسين برامج التعليم في المدارس العمومية وتطوير جودة التعليم وتكافؤ الفرص بين الطبقات الاجتماعية والمناطق الجغرافية. ويهدف التمويل المقدر ب 1,24 بليون درهم إلى تعميم التعليم الرسمي على الأطفال والشباب بخاصة الفتيات القرويات، وتقليص معدلات الانقطاع الدراسي الذي يطاول نحو 300 ألف تلميذ سنوياً، ويمثل تحدياً اجتماعياً للفئات الفقيرة أو التي تقطن في مناطق نائية وضواحي المدن. ويشمل برنامج الدعم إعادة بناء وإصلاح المؤسسات التعليمية في الأرياف والقرى التي تفتقر إلى التجهيزات والمرافق التعليمية الضرورية. وتسعى الخطة التي يقف وراءها الاتحاد الأوروبي إلى الارتقاء بالمدارس العمومية في المغرب وتقريبها تدريجاً من المدارس المماثلة في دول أوروبية، وتوسيع اعتماد التكنولوجيات الحديثة في البرامج التعليمية والارتقاء بالمستوى المعرفي للطلاب المنحدرين من أوساط فقيرة ومعوزة. وتنفق الرباط هذه السنة نحو 53 بليون درهم (6.5 بليون دولار) على قطاع التربية الوطنية تمثل نحو 6 في المئة من الناتج الإجمالي. لكن نتائج التعليم تظل متواضعة بحيث تمثل بطالة الخريجين معدلاً مرتفعاً من مجموع العاطلين من العمل في المغرب ويتجاوزون مليون شاب أعمارهم بين 16 و36 سنة. وعلى رغم تراجع معدل البطالة إلى ما دون 10 في المئة من الفئة النشيطة في السنوات الأخيرة، يجد خريجو المدارس العمومية صعوبة في تحصيل الوظائف مقارنة بزملائهم في المدارس العليا الخاصة أو البعثات الأجنبية أو الجامعات الأوروبية والأميركية. وتعتقد بروكسيل أن تدني جودة التعليم والانقطاع الدراسي وتدهور البيئة المدرسية والبطالة من الأسباب المباشرة لتنامي الفقر والانحراف الاجتماعي والرغبة في الهجرة إلى الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط. وتعد «خطة الحد من الهجرة» برنامجاً أوروبياً بامتياز مع استثناء الكفاءات العليا مثل الأطباء والعلماء والمهندسين والتقنيين. وكان الاتحاد الأوروبي يراهن في السابق على المدارس المغربية لجلب كفاءات يستخدمها في قطاعات اقتصادية وإنتاجية وخدماتية واجتماعية، وهي صيغة انتقائية، - غير مقبولة أخلاقياً – كونها تحرم البلد الأصلي من كوادره اللازمة للاقتصاد والمجتمع. ويمثل القضاء على أسباب الفقر والتهميش أحد البرامج الكبرى التي يتبناها الاتحاد الأوروبي في علاقاته مع المغرب، الذي أصبح شريكاً مميزاً منذ خريف 2008، وما يتيح له أن يطالب بمزيد من الدعم المالي والاقتصادي الذي كان يقدر بنحو 700 مليون يورو في برامج التمويل السابقة. وقالت مصادر أوروبية «بات الاتحاد أكثر اقتناعاً بأخطار الفجوات الاقتصادية والاجتماعية بين ضفتي المتوسط وعلاقتها بالإرهاب والانحراف والهجرة السرية والمتاجرة في الممنوعات بما فيها البشر»، وازدادت الهوة بين المجموعتين في السنوات العشر الأخيرة في شكل كبير. وتبدو الأزمة الاقتصادية العالمية عنصراً غير مساعد للجانب الأوروبي الذي خسر أربعة في المئة من ناتجه الإجمالي العام الماضي، ما يؤثر في مساعداته الخارجية لجيرانه غير الأوروبيين، في مشروعه «الاتحاد من اجل المتوسط» الذي يصطدم بأزمات الشرق الأوسط وتعثر مسلسل السلام.