لم تنقطع العلاقات العمانيةالإيرانية على المستوى السياسي على رغم العواصف الكثيرة التي مرّت على منطقة الخليج، ولكنها بقيت اقتصادياً أقل من المأمول، فلا تقارب التبادلات التجارية بين إيران ودولة الإمارات على سبيل المثال. وبعد الاتفاق النووي، تعتزم السلطنة الاستفادة من علاقاتها التاريخية والسياسية مع إيران، إذ تتقارب الدولتان وتشتركان في الإشراف على مضيق باب هرمز، كما تشكل محافظة مسندم العمانية نقطة ارتكاز حدودية مهمة جداً لقربها أيضاً من الحدود الإماراتية، إذ لا يمكن الوصول براً إلى مدينتها الأم، خصب، إلا عبر دخول أراضي دولة الإمارات، فيما فتحت عُمان خطاً بحرياً مباشراً بين مسقط وخصب، وباشرت تهيئة موانئ بقية المدن في محافظة مسندم. وتستعد «الشركة الوطنية للعبارات» في السلطنة لتشغيل الخط البحري بين خصب وميناء «بهمان أوقشم» الإيراني وتسيير 3 رحلات أسبوعياً، بعد اتفاق البلدين على العديد من الجوانب الإدارية والفنية لبدء تشغيل الخط، وذلك مع بدء رفع العقوبات الاقتصادية عن إيران. وكان هذا الملف مدار بحث في الاجتماع الذي عقده وفد من «غرفة تجارة وصناعة عمان» في المحافظة خلال زيارته إلى طهران قبل أيام. وتبلغ مدة الرحلة 75 دقيقة تقريباً لقطع المسافة نحو 44 ميلاً بحرياً. وناقش الطرفان الجوانب الفنية لتشغيل الخط، بينها خرائط المسارات والمتطلبات الخاصة بمرسى للعبارة مزوّد بأعمدة ربط جسر عائم بهدف تحميل المركبات وجسر آخر لصعود الركاب، إضافة إلى الجوانب اللوجستية الأخرى، في حين يرجّح أن يوقع الطرفان مذكرة تفاهم تنظم العلاقة. وبحث الوفد العماني، المؤلّف من مسؤولين ورجال أعمال، الفرص الاستثمارية والتعريف بأهم القطاعات الاستثمارية الواعدة في البلدين لتفعيل اتفاقات التعاون والاستفادة من المناخ السياسي بينهما لتحقيق فوائد اقتصادية وتجارية يتوقع أن تعزّز التبادل التجاري، علما أن المبادلات التجارية تحصل على نطاق محدود من خلال القوارب والسفن الصغيرة التي تصل ميناءي البلدين على ضفتي مضيق هرمز، ومعظمها يتركز على بضائع استهلاكية لا تجد وسائل النقل لعبورها إلى بقية مناطق عُمان لبعد المسافة بين مسندم ومسقط وغيرها. واتفق الطرفان على التنسيق في مجال الإعداد لمعارض ترويجية وعرض المنتجات وتبادل الزيارات بين أصحاب الأعمال والشركات من الجانبين، إضافة إلى التعرّف إلى فرص التعاون المشترك في قطاعات عديدة، بينها قطاع الخدمات والمقاولات والإلكترونيات والمعدات الثقيلة. وجاءت زيارة وفد الغرفة إلى إيران بعد زيارة وفد تجاري عُماني رفيع ضم أكثر من 60 شخصية من كبار أصحاب الأعمال يمثلون قطاعات ونشاطات عديدة وممثلي جهات وشركات حكومية إلى طهران التقوا خلالها نحو 500 من نظرائهم الإيرانيين، وناقشوا الأنظمة والتشريعات المنظمة للاستثمار في السلطنة، كما تعرفوا إلى المناطق الحرة في إيران والفرص التجارية والاستثمارية المتاحة. وخرج الطرفان بنتائج مباشرة من خلال توقيع عدد من اتفاقات الشراكة في مجالات ونشاطات عديدة، كما تلقى العديد من الشركات العمانية عروضاً تجارية من شركات إيرانية لتأسيس شراكات تجارية واستثمارية خلال المرحلة المقبلة. وقال رئيس غرفة صناعة وتجارة عُمان سعيد الكيومي إن «السوق الإيرانية كبيرة جداً وواعدة وفيها الكثير من الفرص التجارية والاقتصادية، ونحن محظوظون بالعلاقات الطيبة التي تربط بلدينا، كما توجد فرص كبيرة جداً للإيرانيين في عُمان، خصوصاً في ما يتعلق بالعمل اللوجستي وما يتعلق بإعادة التصدير، فعُمان وجهة ممتازة لتكون مركزاً لإعادة تصدير البضائع والمنتجات الإيرانية كونها مفتوحة على العديد من الأسواق الكبيرة مثل السوق الإفريقية والهندية وغيرها». وطالب رجال أعمال عمانيون بتسريع إنجاز الخطوط البحرية والجوية المباشرة لتسهيل التجارة وتهيئة القوانين والأنظمة المتعلقة بالتعاملات التجارية والاقتصادية والتسريع في إيجاد الخطوط الملاحية، مع قرب الإعلان عن رفع العقوبات عن إيران. ويراهن عدد من رجال الأعمال العمانيين على مرونة القوانين والأنظمة للاستثمار في المناطق الحرة في إيران بوجود نظام تملّك الأراضي للمستثمرين الأجانب من دون تحديد نسبة إذ قد تصل إلى 100 في المئة. وتتجه النية إلى إنشاء مركز تجاري كبير في إيران باستثمار مشترك، ليكون المشروع على شكل محفظة تجارية، بهدف الاستفادة من الفرص الكبيرة للاستثمار في قطاع المراكز التجارية والفنادق. وأشار السفير الإيراني في مسقط علي أكبر سيبويه في تصريحات صحافية إلى أن «قيمة التبادلات التجارية بين إيران والسلطنة ارتفعت من 200 مليون دولار إلى أكثر من مليار دولار»، مضيفاً أن «التبادلات الاقتصادية بين البلدين شهدت نمواً ملحوظاً». وفي أيار (مايو) الماضي، استقبل ميناء صحار أول سفينة في الخط البحري المباشر مع ميناء بندر عباس في إيران ضمن خطين يربطان البلدين.