قالت اللجنة الوطنية لسلامة المرور إنها «أنجزت» 60 دراسة بكلفة 15 مليون ريال، والإنجاز لا يكون بعدد الدراسات ولا بكلفتها، بل بثمار وأثر يلمسهما الإنسان. القيادة العدائية، بل الانتحارية، تتنامى والقتل بالجملة مستمر، وانظر إلى التعازي والأخبار في الصحف، لتعلم أنك في خطر، أما السيارات «المهكعة والخجما»، فأصبحت خير رفيق في الطريق. لم نعد نفكر في التلوث، و»سقى الله أياماً» كان المرور فيها يفرض على الشاحنات رفع عادم الدخان إلى ما فوق كبينة السائق، أحسن الله إلى صاحب ذلك القرار، وأجزل له الثواب، متى ما توافرت عزيمة الرجال تتذلل الصعاب، الآن أصبحت الشاحنة تنتقم إما بعادم ينفث من النافذة، أو بتهديد ضخامة الهيكل، والتأمين والكفالة يقومان بالمهمة، والمتضرر «يهيجن» في دهاليز المرور «يا لليل ما أطولك». اقرأ معي: «أنا كلي ثقة بأنك لا تقبل على نفسك ولا على من يعز عليك أن يُقهر في الحصول على حقه، لقد تجاوز الأمر حد الصبر، وأصبحت المسألة استغفالاً واستخفافاً بحقي المشروع. أرجو منك زيادة الاهتمام وإفادتي». قال القارئ حامد إنه أرسلها إلى مسؤول في حوادث مرور الرياض، مضيفاً: «إن له خمسة أشهر يراجع»، و»إن المتسبب في الحادثة تم إطلاق سراحه بكفالة مؤسسة تجارية في حينه». هذا نموذج ولا يرغب الكاتب في التحوّل إلى معقب، لكن «دراسات» اللجنة الوطنية حركت في النفس أشياء، فهل ذهبت اللجنة الموقرة إلى نتائج الحوادث، ورأت كيف تعالج؟ وهل في الأسلوب ثغرات تشجع على استمرار التهور؟ وماذا تقول عن تردي احترام النظام وعكس اتجاه السير حتى من باصات أطفال؟ ألسنا نمارس نفاقاً عندما نتحدث عن العنف ضد الأطفال، وأحوالهم المرورية أمام المدارس معروفة؟ وتحوّلت بعض سيارات الشحن إلى ابتكارات في الأطوال والأبعاد يفترض أن تسجل من جملة الاختراعات، في حين تكاثرت السيارات المظللة مع ما يقال عن المنع. ولم أندهش كثيراً عندما رأيت أباً يحضر ابنته للمدرسة بصهريج ماء. قد تكون الحال المادية هي السبب، لكنني أتوقع مستقبلاً اتجاه المواطن لشراء الشاحنات - إن استطاع - ليشعر بحد أدنى من السلامة. هذه الدراسات؟ هل هي عن «عيون القطط»؟ ماذا تقول اللجنة عن الدراجات النارية، من البطة إلى الوزن الثقيل، وتكاثرها في الطرقات؟ إذا كانت بعض وسائل النقل ممنوعة، فلماذا يسمح باستيرادها؟ كل هذا لا نعلم عنه شيئاً، فقط أعداداً ومبالغ. فشلنا في المرور مماثل لفشل تنسيق الحفريات في مسلسل «احفر أرض بلادي». الطرق والشوارع تفضح حال الفوضى، التي نعيشها في سلوكنا الفردي وقدراتنا الإدارية، ولا أشكك في غيرة القائمين على اللجنة، لكنني لا أرى تباشير فعل يعيد الانضباط، ويحقق درجة معقولة من السلامة. www.asuwayed.com