أصدرت منظمة «فريدَم هاوس» تقريرها السنوي للعام الجاريتحت عنوان: «التخلص من الديموقراطية: عودة إلى القبضة الفولاذية». وسجل التقرير انخفاضاً عاماً في مستوى الحريات في العالم، للعام التاسع على التوالي. وأشار التقرير إلى أن عدد الدول التي سجل فيها انخفاض في مستوى الحريات، بلغ نحو ضِعف الدول التي أحرزت تقدماً، عازياً ذلك إلى «المراقبة من قبل الدولة»، و«فرض قيود على تصفح الإنترنت»، و«فرض قيود على الذاتية الشخصية». وبحسب تقرير نشرته "لندن ريفيو أوف بوكس" عن كتاب "رولينغ ذا فويد" للعالم السياسي الراحل بيتر ماير، فإن الديموقراطية قد تكون في خضم أزمة من نوع آخر، إذ قد تكون فكرة الديموقراطية نفسها مهددة.وتابع أن «عصر ديموقراطية الأحزاب» انتهى، وإن الأحزاب السياسية باتت لا تستجيب إلى قواعد المنتسبين إليها. وكشف التقرير أنه على رغم أن دور الأحزاب سابقاً كان «إيصال الإرادة والرأي الشعبي من المجتمع المدني إلى الحكومة»، إلا أن الساسة اليوم يعملون على الحصول على تأييد «عالمي»، وضَرب مثال برئيس الوزراء الفرنسي مانويل فالز الذي «أعلن في بداية ولايته أنه ليس اشتراكياً على الإطلاق»، على رغم أنه كذلك. ويذكر التقرير الحاجة إلى «ما بعد الديموقراطية»، وأنه اليوم، في أوروبا على الأقل، قد يمكن تغيير الطبقة الحاكمة عبر الانتخاب، ولكن لا يمكن تغيير السياسات. وفي المقابل، في دول مثل روسيا والصين، بالإمكان تغيير السياسات، ولكن لا يمكن التخلّص من الطبقة الحاكمة. ويتابع تقرير «لندن ريفيو أوف بوكس» أنه بحسب بعض التقديرات، أكثر من نصف القوانين المطبقة في الدول الأوروبية تأتي من بروكسل (الاتحاد الأوروبي)، ليكتفي أعضاء الحكومات الأوروبية المنتخبة بالتصديق عليها. وبهذا، يتضح كيف أن الحكومات المنتخبة في الديموقراطيات الغربية لم تعد تتمتع بالقوى التي كانت تمتلكها في السابق، عندما كان الانتخاب يُحدث تغييراً هائلاً في سياسة الدول، مثل تعيين هتلر رئيساً. ولهذا السبب، يقول التقرير، باتت الحكومات ترتاب من الشعوب وتمثيلها، وفي حال الاتحاد الأوروبي، كان البديل المعمول به هو «ميدان محمي» تقرر فيه النخبة القوانين، شريطة ألا تمثل هذه السياسات تغييراً جذرياً في حياة الشعوب. وأصدرت «فريدَم هاوس» في تقريرها للعام الحالي، قائمة صغيرة نسبياً باسم «الأسوأ من الأسوأ»، أي الدول التي أتت في قاع القائمة على صعيد الحريات. واحتلت سورية منصب الدولة الأسوأ حالاً على الإطلاق على امتداد السنوات العشر الماضية.