الملاحظة الأكثر تحديداً في متابعة الإعلامي عبدالعزيز قاسم، هي انه حريص كل الحرص على ألا يكون مروره أو حضوره عادياً، ككاتب أو كصحافي أو كمقدم برامج، يكشف في حوارنا معه علاقته بمجموعته البريدية وببرنامجه «البيان التالي»، ويميل بمدحه نحو قناة «الجزيرة»، متجاهلاً ذكر قناة «العربية»، على رغم تلميحه لطبيعة الصداقة التي تجمعه بمديرها عبدالرحمن الراشد. كثُرت نوافذ الإعلام الإسلامي الآن، ومع ذلك هناك ضعف ملموس لتأثير هذه النوافذ في المشاهد والمتلقي عموماً، ما السبب في رأيك وأنت إحدى أدوات هذا الجانب؟ الآن يوجد إعلام إسلامي قوي، متمثل في الانترنت، والقنوات الفضائية الإسلامية، ولا أدل على ذلك من حصول قناة «المجد» قبل أعوام عدة في استفتاء حول أكثر القنوات مشاهدة في رمضان على المركز الثالث في الشارع السعودي، كما أن المواقع الحوارية الإسلامية تحظى بنسبة متابعة عالية ومرتفعة، ربما تعني الجانب الصحافي هو غير المؤثر في هذه المعادلة وهو جانب بالفعل ضعيف، وغير مؤثر. لكنك كنت أحد المعنيين بهذا الجانب في الصحافة عبر إشرافك على ملحق الرسالة؟ ملحق الرسالة في صحيفة «المدينة» كان له دور مميز، وقام بترك بصمته طوال سبع سنوات في المشهد الفكري المحلي، وقد طرح وللمرة الأولى في الصحافة السعودية أسلوب المكاشفة، ومن خلاله قمت بطرح عدد من القضايا لم يسبق احد أن طرحها، كموضوع الشيعة في السعودية ومظاهرة قيادة المرأة والاعتقالات السياسية، يكفي أن أخبرك أن صحيفة المدينة كان يرتفع توزيعها يوم الجمعة من كل أسبوع وهو يوم إصدار الملحق، نظراً لإقبال القراء الكبير عليه. هل تؤيد إصدار ملحق ديني لقارئ محدد سلفاً، لماذا لا يتجه الملف الديني عامة لكل الشارع على اختلاف فئاتهم ومستواهم الفكري؟ إذا كان في كل صحيفة ملحق اقتصادي يتجه نحو المهتمين بالاقتصاد، وملحق رياضي يخاطب المهتمين بالرياضة، فلماذا لا يصدر ملحق ديني يخاطب الفئة الإسلامية في المجتمع ويرصد حراك وتصريحات رموزهم وهم الأكثر تجذراً في المجتمع. ما السبب الذي دفع بعبدالعزيز القاسم إلى توظيف أسلوب المكاشفات في «تحرير» ملفه؟ أنا أزعم أنني أول من ابتدع هذا الأسلوب في الصحافة السعودية، كما أشرت لك سابقاً، وقد كان نموذجاً مصغراً للحوار الوطني، يدور حول استضافة أحد الرموز الدينية أو الفكرية، وسوق الاتهامات له من خلال استقراء خصومه، وفتح المجال لمن يناوئه بالفكر للكتابة وانتقاده، وترك الفرصة له للرد، وهو أسلوب أوجد حراكاً وفي الوقت نفسه قام بدور الجسر بين التيارات المتباينة فكرياً وثقافياً، ونحن في عام 1420ه كان السجال الفكري محتداً بين التيار الحداثي والتيار الديني، ثم هدأ وبعدها احتد هذا السجال بين التيار الديني والتيار الحداثي الذي كشف عن وجهه الحقيقي، وأصبح يسمى بالليبرالي، لكنه هدأ الآن، وإن كان لا يخلو من حدة أحياناً ترد هنا أو هناك، لذلك كان أسلوبي وليد هذه السجالات، ومحاولة مني للتقريب وكسر الجمود والفجوة النفسية بين الطرفين. من هو الكاتب الذي تحرص على متابعته؟ أحرص على متابعة كتابات سمير عطالله، وعبدالرحمن الراشد وفهمي هويدي وزياد الدريس ألا تظن أن أحد هذه الأسماء يحمل أجندة متنافرة مع توجه بلاده ؟ نعم وهذا مما يؤسف له، فأنت تقصد «فهمي هويدي» وهو معروف بتوجهه الإيراني، وأنا حينما قصدت الإعجاب كنت أعني الإعجاب بأسلوب الطرح والكتابة الصحافية التي يدعمها بالأرقام والمعلومات، أما الداهية فهو عبدالرحمن الراشد الذي يمرر بذكاء واحتراف ما يريد وفي عدد كلمات قليل، وهو ما يضفي متعة كبيرة على متابعتي له. على رغم صداقتي له الا انني على الخط الآخر منه. تأسيسك لمجموعتك البريدية، يقال ان لك فيها مآرب أخرى، ما مدى صحة ذلك؟ المجموعة في البداية كانت قاصرة فقط على مجموعة من الأصدقاء، ثم فوجئت بتحولها، وانضمام عدد كبير من النخب إليها، وقد تعولمت الآن وصولاً حتى استراليا وأميركا، وليس لي فيها أية مآرب. ألم تتعرض المجموعة لمحاولة اختطافها ثقافياً؟ كل التيارات موجودة بالمجموعة، وأنا المسؤول الأول والأخير عنها، وبما امتلكه من حس إعلامي استطيع تمييز ذلك بسهولة ومنعه. عبدالعزيز قاسم هل يستمع للأغاني ويشاهد الأفلام ويتابع الحركة الفنية بما أنها جزء مهم في العملية الإعلامية؟ لم استمع إلى أغنية قصداً منذ 25 عاماً، كما أن زوجتي»أم اسامة» وهي طالبة علم سلفية وتحفظ ولله الحمد 25 جزءاً من القرآن الكريم، حذفت من الريسيفر الخاص بالبيت كل القنوات الفنية، ولم تبق سوى القنوات الإخبارية فقط. برنامجك «البيان التالي» الذي حقق نجاحاً على الساحة، ما هو أكبر خطأ ارتكبته فيه؟ الخطأ الأكبر هو أنني قفزت مباشرة، من كرسي التحرير الصحافي إلى كرسي التقديم التلفزيوني، من دون الحصول على دورات تدريبية متخصصة، لكنه أمر أسعى لتداركه الآن بإذن الله. إذا عرض عليك تقديمه في العربية أو الجزيرة أيهما ستختار؟ البرنامج ما زال في مرحلة التطور، ولم يصل بعد إلى مستوى العربية أو الجزيرة، وأنا معجب بقناة الجزيرة، وبأسلوب التقديم بها، بخاصة فيصل القاسم، لكنني لا أرغب في أن يتحول برنامجي إلى نسخة من برنامجه «الاتجاه المعاكس». وكرت احترافي فضائياً بيد مدير قناة دليل عبدالله القرشي، فهو من أدخلني بطريقة القبائل للعمل الفضائي.