خلافاً لتوقعات مراقبين خلال الأيام الماضية، أدارت الجهات المعنية بآلية صرف تعويضات المتضررين من كارثة جدة (الأثاث والمباني) في يومها الأول (أمس) حركة استقبال المتقدمين المعلنة أرقام هوياتهم وصرف مستحقاتهم بانسيابية وحرفية كبيرتين على رغم مواجهتها صعوبات صاحبت عمل اللجان ال 15 المكلفة بتقدير الأضرار، وتصرفات خاطئة لمواطنين لم يحضروا مستندات كاملة، أو حضروا في غير اليوم المخصص لهم. وفعلياً، يعتبر المتضررون الذين تسلموا أمس «شيكات» التعويضات المالية لمبانيهم أو أثاثهم التي أتلفتها السيول، أول دفعة تلملم جراحها وتتجاوز المرحلة النهائية من التداعيات المأسوية التي خلفتها كارثة السيول التي ضربت محافظة جدة يوم الأربعاء الثامن من شهر ذي الحجة الماضي، وراح ضحيتها عشرات الأشخاص، وتسببت في أضرار مادية جسيمة في المحافظة الساحلية، وأعلنت الأحياء التي ضربتها السيول مناطق كوارث وطوارئ رابطت فيها أجهزة الدولة الحكومية. وبعد تجاوز هذه المرحلة، ستنطلق هذه الدفعة إلى المرحلة الأولى من إعادة إعمار منازلهم، وإعادة الحياة الطبيعية إليها، استعداداً للاستقرار الكامل، وتوديع رحلة حزينة من حياتهم. وفيما وصل عدد المتضررين الذين استعدت لجنة وزارة المالية المكلفة صرف التعويضات لاستقبالهم في مقر إدارة الدفاع المدني في محافظة جدة (حي الشرفية، جنوب شارع فلسطين) أمس إلى نحو 228 شخصاً، واجهت اللجنة صعوبات أثناء صرف التعويضات تمثلت في انتقاد بعض المواطنين آلية تقدير مبالغ تعويضاتهم، إضافة إلى شكوى آخرين من عدم شمولهم بالحصر الأولي. وعكست إجراءات استقبال حشود المتقدمين، استعداداً مبكراً من إدارة الدفاع المدني، حيث هيأت صالات الإدارة المكيفة لاحتواء المتضررين المعلنة أسمائهم مقراً للانتظار، بعد التأكد من هوياتهم وتسجيل أسمائهم في صالة الاستقبال، ومن ثم منحهم أرقاماً تسلسلية يسير بموجبها المنتظرون في الصالات. وقال رئيس اللجنة التنظيمية لشؤون المتضررين في إدارة الدفاع المدني العقيد سليمان عبدالحليم المطلق ل«الحياة» إن صالات الإدارة هيئت مبكراً لاستقبال المتضررين المستحقين للإعاشة والسكن، واتخذت الإجراءات اللازمة لاحتواء المتضررين لتكون جاهزة مع إعلان موعد صرف تعويضات أضرار المساكن والأثاث وما يتبعها، وتم تقسيمها إلى جزأين تحتل مقدمتهما لجان الصرف المكلفة من وزارة المالية، فيما خصصت مقاعدهما للمواطنين الذين سجلت بياناتهم وتسلموا أرقاماً تسلسلية لتنظم عمليات تسلم مستحقاتهم. وأكد العقيد المطلق حرص لجنة تنظيم شؤون المتضررين الكامل على تسهيل إجراءات تسلم المتضررين لتعويضاتهم ومراعاة الظروف التي مروا بها، بدءاً من الكارثة التي أصابتهم وقلبت مجريات حياتهم رأساً على عقب، ومروراً بإجراءات لجان حصر الأضرار والجهات المعنية بها والطلبات التي ترافقها، ووصولاً إلى هذه الأيام التي سيتحصلون فيها على التعويضات المالية التي ستسهم كثيراً في إعادة حياتهم إلى الوضع الطبيعي. وكشف تخصيص مقار خاصة ومستقلة لاستقبال طلبات المتقدمات من النساء، مؤكداً أن اللجنة تولي جانب السيدات اهتماماً خاصاً، ولا تكلفهن ما لا يستطعن، وتكتفي بحضورهن بسجلاتهن المدنية، لكي يتسلمن مستحقاتهن سواء من الإعاشة أو تعويضات الأضرار التي بدأن يتوافدن لها اليوم (أمس). وشدد رئيس لجنة تنظيم شؤون المتضررين، أن لجان الصرف ستواصل استقبال المتقدمين إليها ممن تعلن أرقام هوياتهم في الصحف المحلية بواقع 228 متضرراً يومياً حتى آخر شخص، مع حرصها الشديد على أن لا يعود متضرر من دون تعويضه المستحق، «ولذلك نطالب المتضررين المتقدمين لتسلم التعويضات التزام المواعيد المحددة والمعلنة لكل شخص منهم، وكذلك ضرورة إحضار المستندات المطلوبة كاملة وبحسب المعلن، حتى يسهل على اللجنة خدمتهم وخدمة غيرهم من مراجعيها». بدوره، قال رئيس لجنة الإغاثة في محافظة جدة التابعة لوزارة المالية (اللجنة المكلفة بصرف التعويضات) إبراهيم سليمان الدريويش ل«الحياة» إن اللجنة تضطلع بمهمة توزيع «شيكات» المبالغ المالية على المتضررين المتقدمين إليها من المطالبين بتعويضات الأثاث المنزلي والمباني السكنية التالفة وما شابهها، مشيراً إلى أن اللجنة تعد جهة نهائية للصرف فقط، وتعتمد في عملية الصرف على تقديرات اللجان الأولية المكلفة بحصر الأضرار. وكشف الدريويش أن الشريحة المستهدفة في هذه المرحلة من الصرف تصل إلى نحو أربعة آلاف متضرر من ضمن أكثر من 11700 تضررت مساكنهم سواء الأثاث أو المباني، «وسنتابع الصرف حتى انتهاء المتضررين جميعاً بحسب كشوف لجان الحصر التي ترد إلينا، ويتم إعلانها في الصحف أولاً بأول». وأكد الدريويش أن اللجان المكلفة بحصر الأضرار هي المعنية بتحديد قيمة التعويضات المالية لكل متضرر، وتسلم إلى اللجنة المعتمدة من وزارة المالية وتعتبر نهائية وغير قابلة للمراجعة، مقراً في الوقت ذاته بحق الجميع في التظلم بحسب ما يحفظه النظام.