أعلن النظام السوري أمس أن المبعوث الدولي - العربي الأخضر الإبراهيمي «تجاوز مهمته» بالحديث عن الانتخابات الرئاسية السورية، في وقت عارض نشطاء في حمص وسط البلاد ترشح بشار الأسد للرئاسة. وكان الإبراهيمي حذر في مؤتمر صحافي عقده في نيويورك الخميس، من إجراء انتخابات رئاسية في سورية، مؤكداً أن حصولها سينسف مفاوضات السلام الرامية لوضع حد لثلاث سنوات من النزاع. ونقل التلفزيون الرسمي السوري عن وزير الإعلام عمران الزعبي قوله إن «كلام الإبراهيمي حول الانتخابات الرئاسية في سورية لا يندرج ضمن مهامه وهو غير مخول بهذا الكلام». وأضاف: «يجب على الإبراهيمي أن يحترم دوره كوسيط ويكون نزيهاً وحيادياً (...) كلامه يتجاوز مهمته»، مؤكداً أن على الأخير «الالتزام بمهمته ودوره ولا يحق له ولا لغيره التدخل في الشأن الوطني السوري». وكان الإبراهيمي قال أمس إنه «إذا جرت انتخابات، أعتقد أن المعارضة، كل المعارضة، لن تعود مهتمة على الأرجح بالتفاوض مع الحكومة»، وذلك اثر في أعقاب جلسة لمجلس الأمن الدولي. وكان الإبراهيمي يشير إلى مفاوضات «جنيف2» بين نظام الرئيس بشار الأسد والمعارضة، والتي فشلت جولتاها في كانون الثاني (يناير) وشباط (فبراير) الماضيين في التوصل إلى أي نتيجة. ولم يحدد الإبراهيمي الذي يشرف على التفاوض، أي موعد لجولة ثالثة. واتهم الزعبي الإبراهيمي بدعم موقف المعارضة السورية والولايات المتحدة، قائلاً إن موقفه الأخير «ينسجم مع اللغة التي طرحها وفد الائتلاف في مؤتمر جنيف2 ومع السياسة الأميركية». وأضاف: «لا يحق له تنفيذ السياسة الأميركية في سورية والقرار بإجراء الانتخابات تقرره السلطات السورية ولا يستطيع أحد أن يعطل الاستحقاقات الدستورية في البلاد». ويشكل رحيل الرئيس الأسد المطلب الرئيسي للمعارضة وداعميها. وعلى رغم أن الأسد الذي تنتهي ولايته رسمياً في 17 تموز (يوليو) المقبل، لم يعلن رسمياً ترشحه إلى الانتخابات، إلا أنه قال لوكالة «فرانس برس» في كانون الثاني إن ثمة «فرصاً كبيرة» لقيامه بذلك. وأقر مجلس الشعب السوري الخميس البنود المتعلقة بالانتخابات الرئاسية، والواردة ضمن مشروع قانون للانتخابات العامة. وتقطع هذه البنود الطريق عملياً على ترشح أي من معارضي الخارج، إذ تتطلب أن يكون المرشح قد أقام بشكل متواصل في سورية خلال الأعوام العشرة. في غضون ذلك، ترتفع في حي النزهة وسط مدينة حمص السورية، لافتات كبيرة تطالب الأسد بالترشح لولاية جديدة في البلاد التي يمزقها نزاع دام منذ ثلاثة أعوام. وتظهر في إحدى هذه اللافتات «لأنك رمز كرامتنا وشموخنا، نناشدك بالترشح لمنصب رئيس الجمهورية العربية السورية»، وذلك على خلفية صورة للرئيس الأسد والعلم السوري. وتحمل اللافتة توقيع «المطعم العائلي». وتعد حمص مدينة ذات رمزية كبيرة بالنسبة إلى الناشطين المعارضين للرئيس السوري. فهي وصفت بأنها «عاصمة الثورة» ضد النظام، وشهدت العديد من التظاهرات والاعتصامات بدءاً من منتصف آذار (مارس) 2011. ومع تحول الاحتجاجات إلى نزاع دام، شهدت أحياء في حمص أبرزها بابا عمرو، معارك عسكرية شرسة قبل سيطرة النظام عليه مطلع آذار 2012. واستعاد النظام تدريجاً غالبية أحياء ثالث كبرى المدن السورية، باستثناء أحياء حمص القديمة التي ما زالت تحت سيطرة مقاتلي المعارضة. ومن هذه المدينة، يبدو أن الحملة الانتخابية للأسد قد بدأت، وإن بشكل غير رسمي، إذ إن الأسد لم يعلن بعد ترشحه للانتخابات المزمع إجراؤها هذه السنة. وفي شارع الأهرام الرئيسي في حمص، ارتفعت لافتة كبيرة كتب فيها «العاملون في مؤسسة الوعري للطباعة الرقمية والخطاط فادي حسن يناشدون السيد الرئيس بشار الأسد الترشح لولاية دستورية جديدة ونعاهده بالدم البقاء على العهد». وكتب النص إلى جانب صورة للأسد مبتسماً وهو يبسط يده. وتضيف اللافتة الكبيرة «المجد والخلود لشهدائنا الأبرار، وتحية لرجال الجيش و(قوات) الدفاع الوطني الباسل». ويؤكد واضعو هذه اللافتات أنهم تحركوا بدافع شخصي. لكن نشطاء معارضين قالوا إنها مدفوعة من النظام وأجهزة الأمن. ويقول هذا الرجل المنتمي إلى الطائفة العلوية، مثله مثل الرئيس السوري، «هم (في إشارة إلى مقاتلي المعارضة) سموا حمص عاصمة الثورة. أنا أقول لكم إن حمص هي العاصمة التي منها تنطلق الحملة الداعية لترشح الرئيس الأسد إلى ولاية جديدة». ولا تزال أحياء حمص القديمة تحت سيطرة مقاتلي المعارضة، الذين يسيطرون كذلك على حي الوعر في غرب حمص، والذي يقيم فيه نحو 800 ألف شخص بينهم عدد كبير من النازحين من أحياء أخرى. وبالنسبة إلى الناشطين في الأحياء المعارضة في حمص، يعد ترشح الرئيس الأسد لولاية جديدة من سبع سنوات، أمراً غير مقبول. ويقول ناشط قدم نفسه باسم «ثائر الخالدية» لوكالة «فرانس برس» عبر الإنترنت: «نحن نعرف أن لافتات مماثلة رفعت رغماً عن الناس الموجودين في الأحياء التي يسيطر عليها النظام»، معتبراً أن الأخير «يحاول أن يظهر أن كل حمص تؤيده». وأضاف هذا الشاب البالغ من العمر 25 سنة، إن تظاهرات ستخرج في الأحياء المعارضة رفضاً لترشح الرئيس السوري لولاية جديدة. ويقول: «يستحيل أن نقبل ببشار الأسد بعدما حصل لنا ولعائلاتنا».