قبل عشرات السنين روى الأجداد قصصاً وأساطير تناقلوها جيلاً إثر جيل، ورحلوا قبل أن يشاهدوا بأعينهم ما رسموه في مخيلة أحفادهم عن شيء لم يبق منه اليوم سوى مسمى «محازة الصيد»، يحيط بها سياج حديدي لحماية ما نبت على أرضها من الانقراض وعوامل التعرية وعبث البشر خلال الأعوام التي مضت. «المويه» سابقاً تسمى ب «المويه القديم» وتبعد عن محافظة المويه حالياً قرابة 40 كيلو متراً نحو الشمال، إذ شد أهالي «المويه القديم» الرحيل بحثاً عن الماء، ونظراً لعدد من المعطيات الاستراتيجية ومحاكاة لظروف الحياة بعد أن انتقل مسار طريق (الرياض - الطائف) الذي كان يضرب المويه القديم مع المنتصف، زحف الطريق نحو الجنوب ما يقارب 40 كيلو متراً ليستقر الآن في محافظة المويه، والتي كان لها قبل أن تكون محافظة عدد من الألقاب والمسميات بحسب المعطيات. حطت ركاب الراحلين في «المويه الجديد» أو «محازة الصيد»، وروى الآباء لأبنائهم ما شاهدوه بأم أعينهم عند وصولهم للمويه الجديد قصصاً وحكايات كان الدهر كفيلاً بأن يمسح البعض منها من ذاكرة جيل جديد لم تبق لهم من روايات آبائهم وأجدادهم وذكرياتهم سوى سياج حديدي يمتد لعشرات الكيلو مترات ويمنع الاقتراب منه كمنطقة محظورة. وكانت الروايات تدور جلها عن الظباء والغزلان التي عاشت معهم وعلى أعتاب أبواب منازلهم دون أن تهاب منهم، إلا أن الزمان جار عليها من الصيد لحد الاكتفاء، وتتوالى الروايات والقصص المشوقة لجيل مضى في ما حصل لسالف ذلك العصر والزمن الجميل تدور أحداثها داخل نطاق محازة الصيد عطفاً على المسمى، إذ كانت مرتعاً لتلك الحيوانات ومحوراً في نطاق واسع لممارسة الصيد في ذلك العصر. «محمية محازة الصيد» ثاني أكبر محمية طبيعية مسيجة في العالم، إذ تبلغ مساحتها الإجمالية ما يقارب 2200 كيلو متر، ومحيطها 200 كيلو متر، وتقع على الحافة الغربية لهضبة نجد على مسافة ما يقارب 150 كيلو متراً من محافظة الطائف، وهي متاخمة لمحافظة الخرمة وعلى مقربة من محافظة المويه، وينمو بها الكثير من أشجار السمر، الطلح، السرح، الثمام، وعدد كبير من الأشجار والأعشاب مختلفة الأنواع والمسميات. وبحسب الدراسات الميدانية التي قامت بها الهيئة الوطنية لحماية الحياة الفطرية وإنمائها أن هناك تزايداً كبيراً وملاحظاً في ما يسمى بالعائلات النباتية، إذ رصدت البحوث في المنطقة ما يقارب 38 عائلة نباتية، وتضم ما يقارب 112 نوعاً نباتياً، إضافة إلى أن الهيئة أطلقت قبل أعوام عدة داخل المحمية عدداً كبيراً من المهاة العربية والغزلان أو ما يطلق عليها غزال الريم، طائر النعام، والحبارى، وتم بناء مقر ومبان عدة داخل محمية محازة الصيد للجوالة والمراقبين الذين يجوبون أرجاءها على مدار الساعة لمنع الاختراق ورصد من يحاول الولوج داخل حماها من هواة الصيد بعد أن سجل في السابق عدد من الحوادث الانفرادية التي باءت جميعها بالفشل في محاولة الدخول لمنطقة يحظر فيها الصيد والاقتراب منها.