القدس المحتلة، الناصرة - «الحياة»، أ ف ب - في مواجهة العاصفة الديبلوماسية التي أثارتها قضية جوازات السفر المزورة التي استخدمت في عملية اغتيال القيادي في حركة «حماس» محمود المبحوح في دبي الشهر الماضي، نفت اسرائيل أمس الاتهامات التي وجهتها شرطة دبي الى جهاز الاستخبارات الإسرائيلية الخارجية (موساد) بالوقوف وراء الاغتيال، وقال مسؤول اسرائيلي كبير لوكالة «فرانس برس» ان «شرطة دبي لم تقدم في هذه القضية اي دليل ذي طابع اتهامي». وكان قائد شرطة دبي الفريق ضاحي خلفان تميم اعلن اول من امس «ان وقوف موساد خلف القتل اكيد بنسبة 99 في المئة ان لم يكن مئة في المئة». كما اعلن خلفان الاثنين ان 11 شخصاً يحملون جوازات سفر اوروبية، بينهم امرأة، ضالعون في عملية الاغتيال، وكشف تفاصيل دقيقة اظهرت عملية اغتيال محكمة، موضحاً ان المبحوح قتل «بكتم الأنفاس» وانه يمكن ان يكون تعرض لصعقة كهربائية. وعرضت شرطة دبي فيلماً مفصلاً يستخدم تسجيلات كاميرات المراقبة ويعيد تشكيل مراحل جريمة الاغتيال منذ بدء وصول مجموعة المشتبه بهم الى دبي قبل 19 ساعة من الاغتيال، وحتى مغادرتهم جميعاً في غضون ساعات قليلة بعد الجريمة. وقال المسؤول الإسرائيلي امس: «حتى اليوم لا احد يعرف ما الذي جرى. شرطة دبي لم تشرح حتى ظروف وفاة» المبحوح. وأضاف انه «ليس هناك اي دليل حتى على انه اغتيل. كل ما نراه على أشرطة فيديو هم اشخاص يتحدثون على الهاتف». وتابع ان التهديدات بإصدار مذكرة توقيف دولية بحق رئيس «موساد» مئير داغان «سخيفة». من جهة اخرى، قلل المسؤول الإسرائيلي من شأن استدعاء الممثلين الديبلوماسيين الإسرائيليين في كل من بريطانيا وإرلندا وفرنسا والمانيا لطلب توضيحات عن جوازات السفر المزورة من هذه الدول التي قالت دبي ان اعضاء المجموعة المتهمة بتنفيذ عملية الاغتيال استخدموها. وقال ان هذه الدول «طلبت فقط مساعدة من اسرائيل في شأن استخدام جوازات السفر هذه». واعتبر مسؤول اسرائيلي آخر انه «نظراً الى عدم وجود ادلة، من المتوقع طي القضية سريعاً»، بحسب ما نقلت صحيفة «هآرتس» امس على موقعها الإلكتروني. كما نقلت صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية الداعمة مواقف الحكومة الإسرائيلية الرسمية، أمس عن مصدر إسرائيلي رفيع المستوى قوله إن «الأزمة مع بريطانيا باتت من ورائنا». ورأى أنه بعد استدعاء السفيرين في لندن ودبلن «ستتواصل معالجة المسألة على صعيد المؤسستين الأمنيتين الإسرائيلية البريطانية». ووصف «دعوة» السفير البريطاني «وليس استدعاءه» للقاء وكيل وزارة الخارجية البريطانية هو مجرد «خطوة مستوجبة نجمت عن دوافع سياسية، لكن على أرض الواقع لا بريطانيا ولا إرلندا معنيتان بأزمة في العلاقات مع إسرائيل». وكانت وزارة الخارجية الإرلندية اعلنت مساء اول من امس ان مجموعة الاغتيال استخدمت خمسة جوازات سفر إرلندية، وليس ثلاثة كما قيل سابقاً. وأشارت الى معلومات جديدة ابلغتها سلطات دبي الى دبلن مفادها انه تم استخدام جوازي سفر إرلنديين، إضافة الى الجوازات الثلاثة التي ذكرت سابقاً. وانتقدت صحيفة «جيروزاليم بوست» وسائل الإعلام البريطانية التي نددت بشدة باستخدام جوازات سفر بريطانية مزورة، وكتبت ان «ثمة ما يدعو الى الاعتقاد بأن بعض شرائح المثقفين والإعلاميين في بريطانيا ما كان أبدى رد الفعل ذاته لو كان اسامة بن لادن او ادولف ايشمان في فندق (دبي)»، في اشارة الى زعيم تنظيم «القاعدة» ومجرم الحرب النازي الذي خطفه «موساد» عام 1960 في الأرجنتين وأعدم عام 1962 بعد محاكمته في اسرائيل. وأضافت ان «الذين ينددون بموساد لا يفهمون ان الغاية تبرر الوسيلة أحياناً». بعد تردد ملحوظ لم تفهم دوافعه، أقرت الحكومة الألمانية أمس بأن المجموعة التي نفذت جريمة اغتيال القيادي في حركة «حماس» محمود المبحوح في دبي استخدمت جواز سفر ألمانيا أيضاً، معلنة عن استعدادها لمساعدة الإمارات العربية على إنجاح التحقيقات التي تجريها. وقال وزير الخارجية غيدو فيسترفيلله أمام الصحافيين إن حكومته «مهتمة بصورة خاصة بالكشف الكامل عن ملابسات الجريمة بسبب استخدام جواز سفر ألماني». وكان فيسترفيلله تجاهل هذا الأمر في تصريح أدلى به أول من أمس بعد محادثة هاتفية أجراها مع السفير الإسرائيلي في برلين ياروم بن زئيف. وكان الناطقان الرسميان باسم الحكومة الألمانية ووزارة الخارجية تجنبا في مؤتمرهما الصحافي أمس أيضاً الحديث عن وجود جواز سفر ألماني، واكتفيا بالقول إن الحكومة تنتظر انتهاء التحقيقات الجارية في هذا الموضوع مع الجانب الإسرائيلي وسلطات دبي الأمنية للتأكد من الأمر. برلين تطلب «كشفاً كاملاً» من اسرائيل وقال فيسترفيلله في تصريحه الجديد: «هذا عرض واضح إلى الإمارات العربية بأننا على استعداد للتعاون معهم وفعل كل ما يساعد على الكشف عن العمل الإجرامي». وتابع أنه تمنّى أيضاً «على شركائنا الإسرائيليين المساهمة في الكشف عن الحادث» مضيفاً: «نريد كشفاً كاملاً، وألمانيا ستقوم بدورها في هذا المجال». وفهم من هذا الكلام أن الحكومة الألمانية على استعداد لتقديم المساعدة الفنية والتقنية والمعلوماتية اللازمة. ولم تستبعد مصادر قريبة من وزارة الداخلية الألمانية وجود اتصالات بينها وبين السلطات الأمنية الإماراتية في هذا الشأن. وبطلب من فيسترفيلله، أستقبل مفوض الوزارة لشؤون الشرق الأوسط أندرياس ميشائيليس القائم بأعمال السفارة الإسرائيلية إيمانويل ناشون في مقر الوزارة في برلين. وطالبت المعارضة النيابية البرلمانية المشكَّلة من الحزب الاشتراكي الديموقراطي وحزب اليسار الحكومة الألمانية بتقديم توضيح عن عملية الاغتيال. وقال ممثلان عن الحزبين إن كتلتهما ستطالبان بمناقشة المسألة في لجنة الرقابة البرلمانية على أجهزة الاستخبارات الألمانية والتحقق من كيفية توصل أحد المشاركين في الاغتيال إلى استخدام جواز سفر ألماني. إلى ذلك، أكدت مصادر وزارة الخارجية الألمانية أن وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي سيبحثون جريمة القتل وجوازات السفر المستخدمة الإثنين المقبل خلال اجتماع لهم في بروكسيل قد يشارك فيه وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان. عمليةما وراء البحار من جانبها، أفادت صحيفة «دايلي ميل» البريطانية في تقرير امس ان الحكومة البريطانية تلقت معلومات من اسرائيل عن نيتها تنفيذ عملية «ما وراء البحار». ونقلت الصحيفة عن مصدر امني بريطاني قوله ان البلاغ الإسرائيلي لم يكن بهدف الحصول على موافقة بريطانية وانما من باب «الاحترام». وأضافت ان جهاز الاستخبارات البريطاني (ام آي 6) تلقى من اسرائيل معلومات عن نيتها تنفيذ عملية «ما وراء البحار» تتضمن استخدام جوازات سفر بريطانية مزيفة، فيما أكد مسؤول كبير في «موساد» تلقي وزارة الخارجية البريطانية بلاغاً إضافياً يتعلق باغتيال المبحوح، من دون ان يتضمن معلومات مفصلة عن هدف العملية ومكان وجوده. ونقلت الصحيفة عن مصدر امني بريطاني آخر تأكيده الاجتماع مع المسؤول الكبير في «موساد»، مؤكداً تلقي الحكومة البريطانية معلومات عما سيحدث قبل وقت قصير من اغتيال المبحوح. وجاء في الصحيفة نقلا عن المصدر الامني البريطاني: «لم يكن هناك اي تورط بريطاني، وهم (البريطانيون) لم يعلموا شيئا عن شخصية المستهدفة، لكنهم عرفوا عن نية موساد استخدام جوازات سفر مزيفة، وجاء إبلاغ بريطانيا ليس بهدف الحصول على موافقتها، لكن من باب الاحترام».