كل شيء جميل في مدينة الرسول «صلى الله عليه وسلم»، الطمأنينة، والانشراح، والإحساس بالسعادة، والنشاط في أداء الصلوات، والخشوع في حضرة الخالق العظيم، خصوصاً إذا كنت مع أهلك ومحبيك، في رحلة روحانية طالما اشتاق القلب فيها للسلام على الحبيب، والصلاة في مسجده الكريم، هدفها الأول والأخير التفرغ لعبادة الخالق وقضاء أوقات إيمانية في رحابه المقدسة، إلا أنك في زيارتك لابد أن تصادفك منغصات ظاهرة تجبرك على الكتابة ولفت النظر إليها. أولها البوابات النسائية المخصصة لدخول النساء، وعلى كثرة البوابات والمداخل في المسجد النبوي إلا أن حظ النساء فيها أقل من الرجال، ففي الوقت الذي يتمتع فيه الرجال بالدخول والخروج من البوابات كلها بقيت النساء محصورات في بوابتين أو ثلاث، على كثرتهن مع أطفالهن، وتخيل المنظر أثناء الدخول لأداء الصلاة من الزحام الشديد، ووقوف النساء الطويل الممل وتدافعهن، خصوصاً وهن يقفن للتفتيش عن حقائبهن، ومنع دخول الهواتف الجوالة مع كل صلاة، ما يؤدي إلى تعطيل طوابير النساء وتسللهن خلسة، خصوصاً مع المعاملة السيئة جداً من النساء المكلفات بالتفتيش الذي لم يعد يشمل الحقيبة اليدوية فقط، بل تجاوزها إلى سائر الجسد بدءاً من الأعلى إلى الأسفل، مع فظاظة في السلوك تصل إلى حد الوقاحة والاستفزاز مما يجعل الأعصاب تبلغ مداها من الفوران حتى ولو كانت في أكبر ثلاجة للبرودة. إن هؤلاء النسوة المشرفات على دخول النساء من البوابات وتفتيشهن يفتقرن إلى أبسط أدوات اللياقة والجهل بحقوق الأخريات واحترامها، إضافة إلى انعدام التهذيب في التخاطب مع الأخريات، ناسيات أو متناسيات دورهن في إعطاء صورة جميلة للزائرات إذا ما اعتبرن كواجهة أولى في تكوين رؤية سليمة لدى الزائرات من كل أنحاء العالم، والشيء اللافت للنظر أن هذه الجوالات الخاضعة للتفتيش، والمسببة لهذا الانزعاج وما يتصل بذلك من تفويت لوقت الصلاة، وملاسنة على البوابات، واحتكاك مع عربيات المعاقات من ذوي الاحتياجات الخاصة، وكل أنواع العنف اللفظي والسلوكي، تجدها تسربت إلى داخل المسجد حتى لا تكاد تعرف ما الهدف من هذا التفتيش؟ أما الوصاية من بعض السيدات، سواء الزائرات من الداخل أو الخارج على غيرهن، فحدث ولا حرج، بدءاً من التدخل في شكل الأخريات ولبسهن، ونقد عباءاتهن، وصلاتهن، وقراءتهن، ووعظهن، من غير داعٍ لذلك، إذ لم يعد الوعظ مقصوراً على فئات معينة، بل تجاوزها إلى كل من أرادت أن تكون داعية حتى ولو لم تكن عالمة بأبسط قواعد الدين، وليس نهاية بالتشكيك في عقائدهن، إذ يبلغ العنف أقصاه في ساحة الروضة الشريفة ومنع النساء من الصلاة قريباً من الروضة. سمعت إحدى المشرفات أو المنسقات لطوابير النساء المتدافعات للسلام على الرسول «صلى الله عليه وسلم» والصلاة في روضته تقول: لإحدى الأخوات التي أرادت أن تقترب قليلاً من الروضة (الله يعينك على عقيدتك) فقالت لها: هل في حبي للرسول ورغبتي للصلاة قي روضته شبهة؟ ولولا التدخل من بعض الأخوات وفض النزاع فالله هو العالم ما الذي كان سيحدث. باختصار شديد، أتمنى على المسؤولين عن إدارة المسجد النبوي أن يزيدوا في فتح المزيد من البوابات للنساء، وتخصيص بوابات لذوي الاحتياجات الخاصة من النساء، واستبدال المشرفات على البوابات بأخريات، متعلمات، بل ومجيدات لأكثر من لغة، وملمات بثقافة الحوار والتعامل مع الزائرات بشكل لائق ومهذب أساسه الاحترام لكل الزائرات، وعدم تجاوز حدود الوظيفة. [email protected]