يتردد في كواليس السياسة في أنقرة حديث عن «ضرورة التوصل إلى وقف إطلاق النار» بين الجيش و»حزب العمال الكردستاني»، قبل موعد الانتخابات المبكرة في الأول من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. يتزامن ذلك مع حديث متزايد في أوساط أحزاب المعارضة عن صعوبة إجراء انتخابات في أجواء الحرب وعدم ضمان نزاهة الاقتراع وسط التهديدات الأمنية، فيما ترتفع أصوات الاحتجاجات من القاعدة الشعبية لكل طرف. وذكرت مصادر مقربة من الحكومة أمس، أن محادثات تجرى سراً من أجل الحصول على رسالة من عبد الله أوجلان زعيم «الكردستاني» القابع في السجن، يأمر فيها أنصاره بوقف القتال خلال أيام قليلة، لكن العمل يجري على إيجاد تخريجة تحفظ لمختلف الأطراف ماء الوجه، خصوصاً مع تأكيد الرئيس رجب طيب أردوغان أن القتال لن يتوقف حتى يغادر كل المقاتلين الأكراد تركيا حاملين أسلحتهم معهم، الأمر الذي يقابل بمطالبة «الكردستاني» بالإفراج عن زعيمه من أجل العودة إلى طاولة المفاوضات. ويبدو أن ردود فعل القواعد الشعبية على سقوط عدد كبير من القتلى في صفوف الطرفين، باتت تدفع بقوة إلى التفكير بضرورة وقف القتال، خصوصاً أن استطلاعات الرأي الأخيرة، تشير إلى أن الخسائر البشرية لم تؤد إلى تراجع ملحوظ في نسبة التأييد ل»حزب الشعوب الديمقراطي» الموالي للأكراد، ولا هي زادت في شعبية «حزب العدالة والتنمية» الحاكم. وسجلت اعتراضات متزايدة في الشارع الكردي على توسيع «الكردستاني» هجماته، إذ تظاهر حوالى 400 قروي كردي في شرناق ضد تفجير الحزب أحد جسور المدينة، فيما دافع مواطنون في دياربكر عن رجال أمن وشرطة تعرضوا لإطلاق نار من قبل المقاتلين الأكراد، واعترض المواطنون مسلحين حاولوا خطف ضابط شرطة وسط المدينة. وتذيع الأجهزة التركية يومياً تسجيلات تنسبها لمقاتلين من «الكردستاني» عبر اللاسلكي، يشتكون فيها من عدم دعم المواطنين لهم أو تعاونهم معهم. في المقابل، ازداد السخط بين أهالي القتلى من الجنود الأتراك حتى وصل إلى حد إلقاء القبض على أحدهم في سيرت بتهمة «الإساءة إلى الرئيس» أردوغان خلال تشييع جندي قتيل. وبدأ عدد كبير من الموظفين بنقل عائلاتهم من مدن جنوب شرقي تركيا إلى غربها بعد تصعيد ل»الكردستاني» داخل المدن وصل إلى حد خطف رجال أمن ودهم مقارهم في وضح النهار، ما يؤثر على هيبة الدولة. أضف إلى ذلك ضغط الجيش على الحكومة لدخول شمال العراق براً من أجل مهاجمة معسكرات «الكردستاني» هناك، وهو ما يحرج الحكومة التي تربطها علاقات وثيقة مع رئيس إقليم كردستان العراق مسعود البرزاني. ويبدو أن «الكردستاني» والحكومة وأردوغان، باتوا مقتنعين بأن العودة إلى المفاوضات حتمية وأن كل يوم يتأخر فيه هذا القرار يساهم في سقوط مزيد من القتلى. لكن العقبة الأخيرة الباقية أمام الوصول إلى وقف لإطلاق النار، هي إيجاد سيناريو لذلك، لا يؤثر على أصوات الحزب الحاكم في الانتخابات ولا يخدم المعارضة التي تتهم أردوغان بافتعال أزمة مع «الكردستاني» لأغراض انتخابية.