توقعت دراسة تحليلية لسوق النفط بقاء أسعار النفط منخفضة في العام الحالي ومعظم المقبل، مرجحة استمرار فائض العرض النفطي العالمي، ونمو حجم الطلب بنسبة «بسيطة فقط». وعرضت الدراسة، التي قدمتها شركة «الخبير المالية»، التي تحلل الرؤية المستقبلية للنفط بناءً على الأحداث الاقتصادية والجيوسياسية، توقعات العرض والطلب والمؤثرات السلبية والإيجابية للنفط في المنطقة. وأوضحت أن الارتفاع الكبير في حجم إنتاج الأعضاء الرئيسيين في منظمة «أوبك» وإمكانات العرض الجديد من إيران ستؤدي إلى مزيد من الضغوط على أسعار النفط. فيما أتاحت الابتكارات التقنية لإنتاج النفط الصخري قدرة كبيرة على الصمود في مواجهة المتغيرات. وأبدت دراسة «الخبير» حذراً في النظرة المستقبلية لأسعار النفط. ولم تستبعد أن تشهد أسعار النفط الخام أي ارتفاع ملحوظ في المستقبل القريب، وخصوصاً في ظل تضاؤل احتمال قيام أي من الدول الرئيسة المنتجة للنفط بخفض إنتاجها. وأظهرت السعودية، وهي الدولة المنتجة التي تحافظ على توازن السوق، أنها لا تميل إلى خفض إنتاجها النفطي، كما طلبت بعض الدول الأعضاء في «أوبك». فيما لا تنوي روسيا إجراء خفض كبير في إنتاجها النفطي، بينما تتزايد احتمالات ارتفاع الكمية المعروضة من النفط الإيراني. ولذلك لا يمكن استبعاد حدوث المزيد من الانخفاض في أسعار النفط. كما أن أسعار عقود النفط المستقبلية القياسية تسليم كانون الأول (ديسمبر) المقبل، أقل بكثير من مستوياتها لشهر كانون الثاني (يناير) المقبل، ما يعني أن التوقعات المستقبلية لأسعار النفط ليست تفاؤلية جداً. ورجحت الدراسة أن يؤدي انخفاض معدل النمو في الصين، وهي إحدى أكبر الدول المستهلكة للنفط، إلى انخفاض الطلب على النفط. وقالت: «إن معظم الطلب الإضافي في الفترة الأخيرة كان ناتجاً، بشكل رئيس، عن تكوين مخزونات استراتيجية، ويمكن أن يبدأ هذا الطلب بالتراجع بحلول السنة المقبلة». بيد أنها لم تستبعد أن تؤدي مستويات المخزونات النفطية القياسية الحالية في دول منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية إلى تأخير توقيت أي زيادة في أسعار النفط. وعلى رغم قيام شركات النفط الكبرى بتقليص خططها التوسعية، فإن الدراسة لا تتوقع أن يؤدي ذلك إلى أي تأثير فوري. وتوقعت الدراسة أيضاً أن «يؤدي تزايد الاعتماد على التقنيات الأكفأ استخداماً للوقود، وارتفاع سعر صرف الدولار الأميركي، إلى تزايد الضغوط. كما يمكن أن يؤدي أي تصعيد غير متوقع للصراعات الجيوسياسية في الشرق الأوسط ومناطق أخرى من العالم إلى عكس اتجاه سير أسعار النفط». وإذا كانت أسعار النفط اقتربت من أدنى مستوياتها في ست سنوات ونصف السنة، بعد تراجعها بنحو 60 في المئة من المستويات المرتفعة التي شهدتها خلال السنة الماضية، فإن الدراسة أشارت إلى أن الدول الكبرى المصدرة للنفط، بدأت بخفض أسعارها منذ الربع الأخير من العام 2014، في محاولة للدفاع عن حصتها من السوق، وإجبار المرافق الإنتاجية الأعلى كلفة على الإغلاق. وأثبتت حتى الآن «عدم فعالية الجهود التي بذلها اتحاد المنتجين لإغراق السوق النفطية بفائض العرض وإخراج منتجي النفط الأعلى كلفة تشغيلية من السوق، وعلى الأخص المنتجين في الولاياتالمتحدة الأميركية، التي تصدرت قائمة المنتجين السنة الماضية. فيما رفض كبار المنتجين في الخليج الاتفاق مع أعضاء «أوبك» الآخرين على خفض الإنتاج النفطي، أصبحت التوقعات المستقبلية لأسعار النفط تبدو منخفضة. وسادت التوقعات على نطاق واسع منذ بدء تراجع أسعار النفط الخام، بأن «أوبك» ستخفض إنتاجها النفطي، في محاولة منها لرفع الأسعار. غير أن «الكارتل»، الذي ينتج نحو 40 في المئة من النفط الخام العالمي، لم يستمع للنداءات التي وجهها بعض أعضائه خلال اجتماعهم السنة الماضية لخفض الإنتاج، بل زاد إنتاجه بأكثر من 1.7 مليون برميل في اليوم منذ تشرين الثاني (نوفمبر) 2014. وأبدت إيران التي توصلت إلى اتفاق نووي تاريخي مع قوى العالم العظمى أخيراً، أنها على استعداد لرفع إنتاجها النفطي بمعدل 500 ألف برميل في اليوم خلال أسبوع، بعد رفع العقوبات المفروضة عليها. وتشير التقديرات إلى أن إيران تملك نحو 30 إلى 40 مليون برميل من النفط في ناقلات نفط راسية في الخليج العربي. ويمكن أن يتم إرسالها إلى السوق فور سريان مفعول رفع العقوبات. ورجحت الدراسة أن تسهم زيادة العرض النفطي الإيراني في «استمرار المستويات المرتفعة للعرض النفطي العالمي، وأن تؤثر على أسواق النفط في المستقبل القريب». إلا أن كثيراً من الخبراء يرون أن «إيران لن تتمكن من التأثير فعلياً على حجم العرض قبل مرور ستة أشهر على الأقل، أو ربما أكثر من سنة». وعلى رغم تلاشي الجدوى الاقتصادية لشركات النفط الصخري بفعل أسعار النفط المنخفضة، يبدو أن النفط الصخري سيستمر في التأثير بقوة على السوق النفطية العالمية في المستقبل المنظور. ورجح تقرير نشرته أخيراً الوكالة الدولية للطاقة حول سوق النفط العالمية، أن يستمر حجم العرض النفطي الإجمالي في أميركا بالنمو على مدى 2016، ولكن بمعدل أبطأ بكثير مقارنةً في 2014. كما توقعت إدارة معلومات الطاقة الأميركية نمو إنتاج النفط الخام الأميركي بمعدل 8.6 في المئة في 2015، ليصل إلى 9.47 مليون برميل في اليوم، أي إلى أعلى مستوى له منذ 45 سنة.