تصدعت علاقات ثلاثة مسؤولين كبار في الجزائر، إثر اختلاف في وجهات النظر بينهم في شأن قضايا كبرى في البلاد، بيد أن تصدع العلاقة خرج إلى العلن بين كل من مدير ديوان رئاسة الجمهورية أحمد أويحيى والوزير الأول عبدالمالك سلال والأمين العام ل «جبهة التحرير الوطني» عمار سعداني، في شكل يوحي باقتراب تغييرات يعتقد بعضهم بأنها ستطاول أولاً رأس الحكومة. وفاجأ أويحيى نواب حزب «التجمع الوطني الديموقراطي» الذي يقوده، بمواقف معادية لسلال في شكل كشف حال عدم التناغم بين الرجلين في شأن أبرز الملفات السياسية التي ستقبل عليها البلاد. وقال أويحيى في لقاء مغلق مع نواب حزبه أن الدستور الذي كان سلال أعلن أنه «جاهز تقريباً»: «ليس جاهزاً وما زال فريق اللجنة يعمل على صياغته في زرالدة». وزادت أخيراً تسريبات عن احتمال مغادرة سلال رئاسة الحكومة وتعويضه بوزير الصناعة عبدالسلام بوشوراب، وهو قيادي في حزب أويحيى، ما يعطي انطباعاً بأن تصريحات الأخير ضد الوزير الأول قد تصب في سياق التسريع بإحداث هذا التغيير. فأويحيى الذي يقود القوة السياسية الثانية في البلاد اتهم سلال في الاجتماع «بممارسة الشعبوية» أثناء معالجة الأزمة الاقتصادية، في إشارة إلى ترويج سلال لتطمينات مستمرة عن الوضع المالي في البلاد في شكل يثير استغراب مراقبين. أما الأمين العام ل «جبهة التحرير الوطني» فلم يخف أويحيى امتعاضه من موقفه رفض عرض من أجل تكتل سياسي «للدفاع عن الرئيس». والغريب أن سعداني غائب عن الساحة السياسية منذ شهور. وليست هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها أويحيى بهذه النبرة عن الوضع الاقتصادي للبلاد، فقد كان خطابه شديداً في 11 تموز (يوليو) الماضي لدى اجتماعه بقيادات مكتب حزبه في العاصمة، فقال وقتذاك أن «مداخيل الجزائر انخفضت 50 في المئة، وهذا الانخفاض استمر لسنة كاملة، وبالتالي المسألة أصبحت هيكلية، بحكم أن حاجات البلاد قوية في مجالات السكن والعمل والصحة والتعليم، وهذه حقائق وجب عدم إخفائها، وهنا لست أشتم أحداً معيناً ولا الشعب». وفهم كلامه آنذاك بأنه أيضاً انتقاد لحكومة سلال.