يرى مختصو التجميل في اليمن أن الإقبال على الجراحة التجميلية البحتة يشهد تحسناً كبيراً، بخاصة إذا ما قورن بالجراحات الترميمية التي تجرى بكثرة للأشخاص الذين يعانون من تشوهات «خَلّقية» أو إصابات ناجمة عن تعرضهم لحوادث. وإن كانت النساء اليمنيات هن الأكثر إقبالاً على إجراء الجراحات التجميلية، فإن لهذه العمليات، والتي يزيد عمرها كمجال تخصصي في اليمن عن العقد، جمهوراً لا بأس به من الرجال الذين يجري أغلبهم عمليات تجميل لأنوفهم. ويقول الدكتور محمد السعيدي رئيس قسم التجميل في مستشفى جامعة العلوم والتكنولوجيا في صنعاء إن العمليات التجميلية «البحتة» حتى عام 2001 لم تكن تمثل سوى 2 في المئة من العمليات التجميلية التي أجري أغلبها ضمن جراحة عامة خضع لها المرضى، لكنها اليوم تمثل ما تتراوح نسبته بين 35 و40 في المئة من نسبة العمليات التجميلية بعامة. وعلى رغم هذه النسبة التقديرية المرتفعة مقارنة ببدايات الجراحة التجميلية في اليمن، إلا أن قاعدة عريضة من الناس تتجنب إجراءها إلا لضرورة طبية ملحة (بخاصة للأطفال الذين يعانون من تشوهات خَلّقية) وذلك لارتفاع كلفتها المالية. ويقول السعيدي: «يجري البعض هذه العمليات من باب تحسين شكلهم الخارجي، وينتمي أغلب هؤلاء إلى الطبقة المخملية في المجتمع اليمني، أو المتوسطة». ويستدرك: «في حين يقصدنا من ينتمي إلى الطبقة المتوسطة مباشرة، يلجأ الأغنياء إلى إجراء عمليات التجميل خارج اليمن ويتابعونها هنا». ولا يعتبر التعليم فيصلاً لجهة الأشخاص الذين يلجأون الى الجراحة التجميلية البحتة، ذلك أن التلفزيون هو المشجع الأول لهم للإقدام على تجربة التجميل، فمراجعو العيادات يأتون إليها بعد أن يكونوا شاهدوا أو سمعوا في التلفزيون عن هذا النوع من العمليات، إضافة إلى نجاح العمليات التي أجراها أقرباء لهم. وبحسب السعيدي فإنه في بداية الجراحة التجميلية البحتة في اليمن كان أغلب زائري العيادات من الفئة المتعلمة، لكن اليوم تزور جميع الفئات عيادات التجميل والتي صارت تفتح في المستشفيات كأقسام متخصصة يديرها أطباء متخصصون بعد أن كانت جزءاً من أقسام الجراحة العامة حتى بداية الألفية الثالثة. وتتربع عمليات تجميل الأنف وتكبير الثدي وتصغيره على هرم العمليات التجميلية التي تجريها النساء اليمنيات، ويصف المختصون عمليات الثدي بأنها ضرورية بخاصة أن نسبة كبيرة من النساء اللاتي يجرينها للتصغير يلزمهن إجراؤها للتخلص من الأوزان الزائدة لأثدائهن والتي تؤثر في العمود الفقري، في حين تجري نسبة قليلة عمليات تكبير الثدي. كما تجري النساء عمليات شفط الدهون وتنسيق الجسم وتصغير الشفتين لكنها لا تزال نادرة حتى اليوم، غير أن اللافت أن الفئة العمرية التي تنتمي إليها تتراوح بين ال20 و45 سنة. وتنتشر بين الرجال عمليات تجميل الأنف والتي تتلخص في رفع الأنف أو تصغيره، وإصلاح التشوهات مثل هبوط الأنف، إلا أن معظم من يجرونها أما يعانون من تشوه واضح جداً وناتج من حادثة ما، أو من باب تحسين الشكل وهذا الأندر. ولا يشكل إجراء العمليات التجميلية البحتة إشكالية مجتمعية بالنسبة الى الشخص الذي يجريها ذكراً كان أم أنثى، ويرجع السعيدي ذلك إلى أن الجراحة التجميلية التي تجرى للمريض لا تحدث تغييراً نهائياً في شكله ولكنها تحسنه. ولأن الكثيرين في اليمن يعتقدون بأن إجراء عمليات التجميل «حرام» شرعاً لأنها تغير في خلق الله، ما لم يكن لإجرائها ضرورة طبية، مثل حالات التشوه، فإن الأطباء لا يزالون يبذلون جهداً في إقناع المسؤولين عن المريض في حال رغبته في إجرائها، بأن بقاءه من دون إجراء العملية التجميلية يتسبب له بمشكلة نفسية قد يكون لها انعكاس خطير على حالته الصحية مستقبلاً. ويصنف السعيدي المرضى الذين يأتون الى عيادات التجميل في اليمن ثلاثة أصناف: الأول من يحتاجون إلى إجراء جراحة تجميلية لأن حالتهم لا تحتمل عدم إجرائها، والثاني أشخاص لديهم مشاكل صغيرة يمكنهم التعايش معها لكنها تشكل لهم ضغطاً نفسياً كبيراً والنوع الثالث وهم أشخاص لا يعانون من أية مشاكل جمالية لكنهم يتصورون لأنفسهم صوراً خيالية يتوقعون أن تكون الجراحة التجميلية قادرة على تحويلهم إليها، وهذا النوع :»نجهد كأطباء في التخلص منه وعدم إجراء العملية التجميلية له لأننا نعتبرها في غير مصلحته». إلى ذلك، فإن كل الجراحات التجميلية التي تجرى للأطفال في اليمن تكون لمعالجة التشوهات الخَلّقية التي يعانون منها منذ ولادتهم، وأكثر هذه التشوهات شهرة هي ما يسمى بالشفة الأرنبية وكذلك تشوه شق سقف الحلق.