لم تحل القمة الاجتماعية التي عقدها الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي في 18 شباط (فبراير) الماضي مع ممثلي الاتحادات النقابية، دون عودة هؤلاء للنزول مجدداً الى الشارع أمس، في يوم جديد من «الغضب» حيال ما يوصف بالتقصير الرسمي على صعيد تحسين الأجور والقدرة الشرائية. فشهدت فرنسا، ما لا يقل عن 213 تظاهرة احتجاج على سياسة ساركوزي الاقتصادية والإصلاحية، واضرابات شملت غالبية القطاعات ومنها التربية والبريد والكهرباء، والمطابع وبعض المؤسسات الإعلامية الرسمية، فيما لم يشهد قطاع النقل الاضطرابات الخانقة التي كانت تشل حركة المواطنين اعتيادياً، نتيجة القانون الذي يقضي بتأمين حدّ أدنى من الخدمة في هذا المجال. والجديد في هذا الإضراب الذي دعت اليه الاتحادات النقابية الثمانية الكبرى في فرنسا، مشاركة العاملين في القطاع الخاص بكثافة فيه. فالضائقة الاقتصادية والشعور بأن مجمل ما تعتمده السلطات الفرنسية من خطط لإنعاش الوضع الاقتصادي واصلاح المؤسسات، لا يعود بالنفع على العاملين وانما على المؤسسات ذاتها. والواقع أن الأجواء الاقتصادية والاجتماعية السائدة في فرنسا تساعد على تعزيز هذا الانطباع، خصوصاً ان نسبة العاطلين من العمل باتت تشهد ارتفاعاً، شمل في شباط الماضي وحده حوالى 90 ألف شخص. وفيما باتت نسبة البطالة تقارب 7.8 في المئة من اليد العاملة، فإن النمو شبه معدم، والعجز في الموازنة الى تفاقم، نظراً لارتفاع كلفة الإجراءات التي أقدمت عليها السلطات الفرنسية في عدد من القطاعات. وعلى رغم أن الاضراب والتحركات التي تواكبه تحظى بتأييد 3 فرنسيين من أصل 4، فإن الحكم ليس في وارد القيام بأي خطوة جديدة لامتصاص الغضب الشعبي، وذلك بخلاف إضراب 29 كانون الثاني (يناير) الماضي الذي قرّر ساركوزي في أعقابه عقد القمة الاجتماعية موحياً بأنه مدرك معاناة مواطنيه.