فشل البرلمان العراقي مرة أخرى في إقرار قانون «الحرس الوطني»، بعد خوض الكتل السياسية امس جولة جديدة من المفاوضات، وتمحورت الخلافات بين القوى السنية والشيعية على رئاسة «الحرس»، وآلية اختيار عناصره. واستمع البرلمان إلى أجوبة وزير الكهرباء قاسم محمد الفهداوي الذي عرض واقعها السيء، محمّلاً مسؤولية نقص التغذية الى أداء الإدارات السابقة وسوء التخطيط، وذلك خلال جلسة استجواب نيابية بعد أسابيع من التظاهرات. ومن المقرر ان يعاد مشروع القانون الذي أقرته الحكومة منذ شهور الى مجلس الوزراء لتعديله، علماً أن تمريره في البرلمان كان يجب أن يكون بعد ثلاثة أشهر من تشكيل الحكومة في آب (اغسطس) العام الماضي، بموجب وثيقة الاتفاق السياسي بين الكتل الرئيسية. وعقد البرلمان جلسة صباح أمس لمناقشة القانون، ولكن اعتراضات عدة أبدتها الكتل السياسية على عدد من مواده دفعت رئيس مجلس النواب سليم الجبوري الى تأجيل الجلسة ساعة دعا خلالها رؤساء الكتل وأعضاء اللجنتين الأمنية والقانونية إلى اجتماع منفصل. وقالت مصادر نيابية مطلعة أن الخلافات تمحورت حول نقطتين أساسيتين: تابعية قوات «الحرس، إذ طالب «التحالف» بأن يكون تابعاً لرئيس الوزراء، باعتباره القائد العام للقوات المسلحة، في حين أصرّ «اتحاد القوى الوطنية» (السنية) على أن تكون قيادته من ضباط مستقلين تختارهم المحافظات. وأضافت المصادر ان الخلاف الثاني تمحور حول آلية التطوع في «الحرس»، وأضافت أن «التحالف الوطني» يريد ان يكون التطوع مفتوحاً لكل أبناء المحافظات ولكن «اتحاد القوى» يطالب بأن يكون محصوراً بسكان كل محافظة ويمنع قدوم متطوعين من خارجها. ويقاتل الآلاف من الفصائل الشيعية ضمن قوات «الحشد الشعبي» في محافطتي صلاح الدين والأنبار مع دور محدود لأبناء هذه المحافات ضمن تشكيلات ابناء العشائر، وتتحفظ القوى الشيعية على منح صلاحيات أمنية واسعة لأبناء المناطق خوفاً من اختراقهم من «داعش». ودعا رئيس كتلة «الفضيلة» عمار طعمة إلى ضرورة تعيين شخصية عسكرية لقيادة الحرس. وقال خلال مؤتمر صحافي امس ان «اقتراح انتشار وتوزيع قوات الحرس في المحافظات ومن أبنائها حصراً غير مقبول وقد يتسبب بخروق تهدد امن البلاد واستقرارها». وأضاف «ليس صحيحاً ان تمنع تشكيلات الحرس الوطني من أبناء محافظات الجنوب في مدينة سامراء والدفاع عن مرقد الأماميين العسكريين، خصوصاً أن حادثة تفجير المرقدين عام 2006 وقعت في مرحلة كانت حمايتهما في عهدة أبناء المدينة، ما ادى الى اختراقها من القاعدة وتنفيذه عمله الإجرامي». وكان رئيس البرلمان شدد على اهمية اقرار قانون «الحرس» الليلة قبل الماضية خلال لقائه السفير الأميركي في بغداد ستيوارت جونز. وأوضح بيان أنه «جرى خلال اللقاء البحث في آخر التطورات السياسية والأمنية في البلاد، وضرورة الإسراع في إقرار قانون الحرس ليكون نواة لمسك الأرض بعد تحريرها من عصابات داعش، كما تناول استعداد الولاياتالمتحدة لتقديم الدعم الكامل للعراق من اجل تحرير أراضيه»، وأكد أن «قانون الحرس الوطني يلقى قبول غالبية الكتل السياسية لما سيضيفه من دعم للقوات الأمنية التي تقارع قوى الإرهاب.» الى ذلك، أعلن النائب عن «اتحاد القوى الوطنية» فارس طه الفارس أمس جمع تواقيع النواب «لاستضافة رئيس الوزراء حيدر العبادي للاستيضاح منه عن الإصلاحات الأخيرة التي اتخذها»، وأضاف ان «البلد في ازمة حقيقية وإذا لم يتم وضع الحلول السريعة الفاعلة سيذهب في طريق لا تحمد عقباه». من جهة أخرى، أعلن الفهداوي ان انتاج الكهرباء بلغ في آب 13 ألفاً و400 ميغاواط، بينما يقارب الطلب 21 ألف ميغاواط، مؤكداً أن الإنتاج في الفترة نفسها من العام الماضي كان بحدود عشرة آلاف و500 ميغاواط. وأشار الى انه تسلم في ايلول (سبتمر) 2014، وزارة «محملة بمشاكل فنية وإدارية وسوء تخطيط»، متهماً الإدارات السابقة بأنها ركزت على الإنتاج «ولم تولِ شبكات النقل والتوزيع الاهتمام اللازم». وقال انه على سبيل المثال: «لا يمكن تزويد بغداد بأكثر من 3500 ميغاواط حتى في حال توافر كميات اكبر، وذلك بسبب عجز شبكات التوزيع». كما انتقد «غياب التنسيق والتواصل بين دوائر ومديريات الوزارة»، مؤكداً أنها تعاني تخمة في عدد المنتسبين اليها تفوق 40 الف موظف. وعدّد مشاكل أخرى منها تعرض بعض خطوط نقل الكهرباء لهجمات مسلحين، وضعف المخصصات المالية للوزارة، وإنشاء محطات للإنتاج تعمل على الغاز في حين انه «لا يوجد لدينا غاز». وأكد ان الوزارة «أعدت خططاً سريعة وقصيرة» لمعالجة المشاكل، الا ان ذلك «يحتاج الى تضافر الجهود في الدولة كلها». وفي ختام الجلسة التي استمرت نحو ثلاث ساعات وعرضتها قنوات التلفزة، اعلن الجبوري «انتهاء الاستجواب وانتهاء المسألة بناء على تصويت المجلس بقناعته بالأجوبة التي تم تقديمها». وكان الجبوري لوّح الثلثاء بسحب الثقة من الفهداوي اثر تغيبه عن جلسة استجواب في اليوم نفسه. الا ان الوزير اوضح انه تغيب لطلب المزيد من الوقت لتحضير اجابات. وتشهد بغداد ومدن عراقية منذ اسابيع تظاهرات حاشدة تطالب بمكافحة الفساد وتحسين مستوى الخدمات العامة لا سيما المياه والكهرباء.