يطرح قبول «مجلس حكماء التوراة» الذي يعتبر الهيئة العليا لحزب المتدينين المتشددين (الحَرِدِيم) الأشكناز «أغودات يسرائيل»، تعيين ممثل عن الحزب الشريك في الائتلاف الحكومي وزيراً (للصحة) أكثر من سؤال عن معنى هذا الموقف بعد 63 عاماً من رفض «المجلس» أن يشغل أي من نواب الحزب في الكنيست منصب وزير، مكتفياً بمنصب «نائب وزير بمكانة وزير». وكانت المحكمة العليا، رداً على التماس قُدم إليها، اعتبرت الأسبوع الماضي منصب «نائب وزير بمكانة وزير (الصحة)» الذي يشغله النائب عن «أغودات يسرائيل» يعقوب ليتسمان، غير قانوني، وأمرت رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بإلغاء هذا المنصب الذي يشغله ليتسمان، محذرة من أنه إن لم يفعل فإن المحكمة ستقوم بذلك بعد 60 يوماً. وبينما اتجهت الأنظار نحو نتانياهو الذي خشي احتجاج الحزب واحتمال انسحابه من الحكومة (يتمثل في الكنيست بستة نواب)، ما يعني فرط عقدها، فاجأ «مجلس حكماء التوراة» وهو الذي يختار نواب الحزب ويقرر لهم في كل صغيرة وكبيرة، بإقراره جواز إشغال ليتسمان منصب وزير، لتكون هذه المرة الثانية في تاريخ الدولة العبرية التي يشغل فيها نائب من «الحرديم» الأشكناز منصب وزير. وكانت المرة الأولى قبل 63 عاماً حين ترك الوزير السابق عن الحزب يتسحاق مئير ليفين منصبه بعد أربع سنوات في أعقاب قرار الحكومة في حينه تجنيد الفتيات اليهوديات مع بلوغهن الثامنة عشرة. لكن الحزب، وبأمر من «مجلس الحكماء»، لم يتخلّ عن المشاركة في معظم الحكومات التي تشكلت منذذاك الوقت في مقابل تلقي مؤسساته الدينية موازنات حكومية هائلة وإعفاء الشباب «الحرديم» من الخدمة العسكرية الإلزامية مع بلوغهم الثامنة عشرة أسوةً بسائر أترابهم العلمانيين، شرط ألاّ تكون المشاركة الرسمية في الائتلاف الحكومي من خلال توزير أحد نوابه إنما الاكتفاء بمنصب «نائب وزير بمكانة وزير» كي لا يتحمل «المسؤولية الوزارية الجماعية» عن قرارات تتخذها الحكومة تتنافى مع الشريعة اليهودية التي ينادي هذا الحزب بأن تكون دستور الدولة. وحال هذا الترتيب دون مشاركة الحزب في لجان وزارية مهمة ودون أن يكون في وسعه الطعن في قرارات لا تروق له اتخذتها لجان وزارية. وبينما حاول ليتسمان التقليل من أهمية توليه منصب الوزير بالقول إنه في واقع الحال تمتع بصلاحيات الوزير كافة، إلا أن أوساطاً علمانية رأت في قرار مجلس الحاخامات «مفصلياً» و»تاريخياً». وقال زعيم الحزب العلماني «يش عتيد» يئير لبيد الذي توجه بالالتماس إلى المحكمة لإلغاء منصب «نائب وزير بمكانة وزير»، إن القرار يعني دخول جمهور «الحرديم» الواسع «تحت المظلة الإسرائيلية»، وأنه من اليوم فصاعداً «سيكونون شركاء في إقرار صفقات تبادل اسرى أو شن حرب أو أي قرار تتخذه الحكومة ... سيضطرون إلى حسم موقفهم». وأضاف أن أهمية قرار المحكمة تكمن أساساً في إقرار «الحرديم» بعلوّ كعب المحكمة العليا واعترافهم بالدولة، «إذ سيضطر الوزير إلى اداء يمين الولاء للدولة».