حذّر تقرير لجمعية «رؤوت» (رؤية) الإسرائيلية المكلفة «دعم التفكير الاستراتيجي لحكومات إسرائيل في المجالات الحيوية لمستقبل الدولة وأمنها وازدهارها»، الحكومة الإسرائيلية من أن إسرائيل تتعرض اليوم لأوسع هجوم في الحلبة الدولية يبغي نزع الشرعية عنها. ودعت الحكومة إلى التعاطي مع هذا «التهديد» كما تتعاطى مع أي تهديد استراتيجي لها، محذراً من أن اتساعه قد يجعل منه تهديداً وجودياً على إسرائيل. وأشار التقرير إلى أنه في ظل العزلة الدولية لإسرائيل، وحيال الجمود السياسي الحاصل، يتسع نطاق الحملة لنزع الشرعية عن الدولة العبرية «كدولة يهودية». وقال إن إسرائيل تتعرض لهجوم شامل من نزع الشرعية عنها على الصعد المختلفة وصل ذروته العام الماضي عبر «تقرير غولدستون» الذي حقق في انتهاكات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، و«هكذا بلغ التآكل في مكانة إسرائيل في أماكن كثيرة من العالم مبلغ التشكيك في حقها في الوجود». ووفقاً للتقرير، فإن شبكة من أفراد ومنظمات وجمعيات منتشرة في أرجاء العالم تتعاون معاً على خلفية أيديولوجية تقوم على نفي وجود إسرائيل وإظهارها دولة جرباء. ويحذر التقرير من سيرورة انهيار حل الدولتين للشعبين كإطار متفق عليه لحل النزاع الفلسطيني – الإسرائيلي وتبلور حل الدولة الواحدة كإطار بديل جديد. ويضيف أن حل النزاع لن يوقف حملة نزع الشرعية عن إسرائيل «بل ستبحث هذه الشبكة عن قضايا أخرى تعتمدها لمواصلة حملتها، ونعتقد أن القضية المقبلة ستكون مكانة المواطنين العرب (فلسطينيي 1948)». وفي هذا الاطار، أشار التقرير إلى التظاهرات المناوئة لإسرائيل التي استُقبل بها نائب وزير الخارجية داني أيالون في لندن الأسبوع الجاري والسفير الإسرائيلي في واشنطن مايكل اورن، والتشويش على محاضرتيهما، والاحتجاج على مشاركة رياضييها في مسابقات دولية لكرة المضرب، والحملات لمقاطعة المنتجات الإسرائيلية في اوروبا وأوامر اعتقال كبار مسؤوليها في لندن. وحددت جمعية «رؤوت» كلاً من لندن وبروكسيل ومدريد وتورنتو وسان فرانسيسكو وجامعة بيركلي «أبرز مراكز الشبكة الدولية». وأشارت إلى أن الناشطين هم في غالبيتهم من الشبان والفوضويين والمهاجرين أو من الناشطين اليساريين الراديكاليين، وان عددهم ليس كبيراً «لكن مفعول نشاطهم ملموس بفعل الحملات العامة التي يقومون بها في شكل منسق، والصدى الإعلامي الذي يحظى به نشاطهم». وتابعت أن المشاركين في الشبكة يلقون التعاون من منظمات توجه انتقادات مشروعة على سياسة إسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 مثل «العفو الدولية» ومنظمات حقوق إنسان أخرى، لكن نشاط هذه الشبكة يطمس الفارق بين انتقاد مشروع ونزع الشرعية. وبحسب تقرير «رؤوت»، فإن النموذج الذي تحتذي به الشبكة الدولية في نشاطها هو جنوب أفريقيا، «وعليه تلجأ إلى مصطلحات الأبرتايد». كذلك يعتمد الناشطون رموزاً وأبطالاً مشتركين مثل الطفل الفلسطيني محمد الدرة. ويعتبر التقرير لندن مركز الحملة لنزع الشرعية. ويعزو السفير الإسرائيلي في لندن رون بروسؤور ذلك إلى «التشابك والدمج بين جالية مسلمة ويسار متطرف وإعلام مؤثر ومركز جامعي دولي، ما يجعل من لندن مسرحاً خصباً لنزع الشرعية». ويقرّ السفير بأنه في جميع محاضراته في الجامعات البريطانية يواجَه بتظاهرات احتجاجية مناوئة لإسرائيل، ما دفعه إلى إصدار تعليماته لموظفي السفارة بتكثيف وجودهم في المحاضرات للتصدي للمقاطعين. وتوقع أن «ما يحصل الآن في جامعات لندن سيحصل بعد خمس سنوات في جميع جامعات الولاياتالمتحدة». وتؤكد الجمعية في تقريرها أن إسرائيل ليست جاهزة لمواجهة تهديد نزع الشرعية عنها، وأن وزارة الخارجية تفتقر إلى أدوات ملائمة لمواجهة هذه الحملة وحماية الديبلوماسيين الإسرائيليين الذين يتعرضون أكثر من غيرهم لحملات الاحتجاج. ويضيف ان وزارة الخارجية لا تملك الموازنات ولا القوى البشرية ولا الديبلوماسيين أو نظرية تحرك ديبلوماسي ملائم للتصدي لهذه الظاهرة الآخذة في الاتساع. ويوصي التقرير بالرد بقوة على قادة الحملة وتشكيل شبكة مضادة تكون فيها السفارات الإسرائيلية في عواصم نزع الشرعية في الجبهات الأمامية. كما يوصي «بمهاجمة حمَلة لواء نزع الشرعية بالمثل لكن مع التمييز بينهم وبين من يوجه انتقاداً مشروعاً لإسرائيل، والأخير يجب أن نحتضنه ونقرّبه منا، لا أن نقاطعه». ويرى المعلق البارز في «هآرتس» أري شبيط أن مهمة وزارة الخارجية لفرملة الحملة المتواصلة لنزع الشرعية لن يكتب لها النجاح في ظل وجود أفيغدور ليبرمان على رأس وزارة الخارجية، مشيراً إلى أن العالم العربي ينظر إليه نظرة احتقار، فيما اوروبا ترى فيه نسخة ثانية عن السياسي الفرنسي المتطرف لو بن، والولاياتالمتحدة ترى في وجوده خللاً مربكاً. وأضاف أن العالم الذي يرى عبر الرئيس الإسرائيلي شمعون بيريز الوجه الحسن لإسرائيل، فإنه يرى عبر ليبرمان الوجه القبيح لإسرائيل «والأخير بلسانه المنفلت وسلوكه الاستقوائي يفاقم أزمة إسرائيل، إنه يقدم عملياً المساعدة لكل من يعمل على إظهار إسرائيل دولة عنصرية فاقدة صوابها».