تسببت مداخلة من قبل نائب رئيس الجامعة الانطونية للشؤون الثقافية باسكال لحود بسحب رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري رعايته لمؤتمر علمي يقام في هذا الصرح عنوانه «رئاسة الحكومة في لبنان: إشكاليات الموقع والدور وآفاقه»، وباحتجاج سياسيين شاركوا في افتتاحه وانسحبوا من جلساته وأدى ذلك الى تعليق أعماله. وأوضح المكتب الإعلامي لرئاسة الحكومة ان خلال مؤتمر تنظمه الجامعة الأنطونية برعاية الرئيس الحريري ممثلاً بوزير الإعلام طارق متري «فوجئ الحضور باستغلال احد مسؤولي الجامعة المناسبة لإطلاق كلام يشكل إساءة لذكرى الرئيس الشهيد رفيق الحريري ولدولة الرئيس سليم الحص ولمقام رئاسة مجلس الوزراء في لبنان عموماً. وأدى هذا التصرف غير العلمي وغير اللائق وغير المألوف في حرم مؤسسة علمية عريقة نكن لها كل الاحترام والتقدير إلى انسحاب عدد من المتحدثين والمشاركين احتجاجاً وبينهم وزراء ونواب». وأعلن المكتب ان «حيال هذه الحادثة المؤسفة، تسحب رعاية رئيس مجلس الوزراء للندوة أملاً من إدارة الجامعة الأنطونية اتخاذ الخطوات اللازمة لمحو هذه الإساءة». وصدر عن المكتب الإعلامي للحص بيان استغرب فيه «أشد الاستغراب الكلام الذي صدر عن نائب رئيس الجامعة، بالتطاول على مقام رئاسة مجلس الوزراء وكل من الرئيس الشهيد رفيق الحريري والرئيس سليم الحص، وهذا المؤتمر كان يفترض ان يحافظ على طابعه الثقافي والاكاديمي، ولكن للأسف خرج عن اطاره». وأعرب البيان عن اسف الحص «الشديد لانحدار مستوى الخطاب الى هذه الدرجة من التجني المستهجن والإسفاف»، معلناً «تعليق مشاركته المباشرة وغير المباشرة في المؤتمر»، ودعا «القيمين عليه في رئاسة هذا الصرح العلمي المعروف الى تصحيح هذا الخطأ». وأعلن المكتب الإعلامي للرئيس فؤاد السنيورة في بيان «تعليق مشاركة السنيورة في المؤتمر بسبب خروجه عن أهدافه العلمية والثقافية المعلنة عبر الكلام الذي صدر عن لحود، ما أدى إلى انسحاب ممثل السنيورة في جلسة الافتتاح مستشاره الدكتور عارف العبد احتجاجاً، وبسبب ما شكله كلامها من إساءة إلى سيرة الرئيس الشهيد رفيق الحريري وإلى الرئيس سليم الحص وموقع رئاسة مجلس الوزراء». وكان من المقرر أن يشارك السنيورة اليوم، بمحاضرة بعنوان «تجربتي في رئاسة الحكومة». ولاحقاً، أوضح رئيس الجامعة الأب انطوان راجح «ان كلمة لحود لا تلزم الجامعة بشيء وكلمته هي الأساس»، معترفاً «بأن ما حصل ما كان يجب ان يقال في افتتاح المؤتمر». وفي بيان لاحق أعلنت رئاسة الجامعة تعليق اعمال المؤتمر «ريثما ترتب ما يلزم، واحتراماً لمشاعر كثر ومنعاً لاستغلال المؤتمر وتحييده عن أهدافه العلمية والبحثية»، مؤكدة «ان الجامعة ما كان خيارها يوماً الإساءة الى أحد، مسؤولاً كان المتكلم فيها او غير مسؤول، وكيف اذا كان الكلام يطاول رئيساً نسجت معه الجامعة أطيب العلاقات وقدمت كل التعاون المناط بمهماتها وكانت تلقى منه دائماً كل دعم واهتمام ومحبة». وأسفت الجامعة «لردود الفعل التي صدرت في إطار مفتوح على آراء ومقاربات خاضعة للنقاش والنقض لأن كل إساءة الى احد المسؤولين لا تطاول الشخص وحسب بل تطاول أسرة الجامعة والشعب اللبناني برمته»، مؤكدة «حرصها على كرامة المسؤولين والقيادات وتثمينها لتجاوب رئيس الحكومة، واثقة من قراءته الموضوعية والمنصفة للأمور، وحرصها كذلك على إبقاء منبرها حيز نقاش فكري أكاديمي مفتوح الى الآراء المختلفة يليق بتاريخها وبرسالتها». وكانت لحود استشهدت في مداخلة لها ب «دراسة نشرت مطلع هذا العام في العدد 21 من مجلة the quarterly leadership بعنوان «ديناميات القيادة الفاسدة المنتجة: أمثولات من تجربة رفيق الحريري السياسية في لبنان» أرادها كاتباها دفاعاً عن نهج الرئيس الحريري ضد منتقديه، يخلص الكاتبان Mark Neal و Richard Tansey الى الآتي: «كان الحريري قيادياً منتجاً وفعالاً، وكان فاسداً كذلك، لكنه لم يكن اكثر فساداً من سواه من القياديين في المجتمع اللبناني، وبالطبع ليس اكثر فساداً من منافسه سليم الحص، من هنا صوابية تصنيف اسلوب الرئيس الحريري في القيادة على انه النمط القيادي الفاسد الفعال، وهو نمط من القيادة ينخرط في منظومات الفساد لاضطراره لذلك، ولكنه لا يفعل ذلك لمصلحته الشخصية فحسب بل سعياً وراء الخير العام، وقد يكون هذا النمط افضل الممكن في المجتمعات الفاسدة»، لافتة الى ان «المقالة التي اشرت اليها أساءت الى الحريري وخصومه على السواء، وإلى الحص وخصومه على السواء، وإلى رئاسة الحكومة ومنافسيها على السواء، وإلينا جميعاً كلبنانيين»، وأشارت الى انها ساقت هذا الاستشهاد «لأقول لدولة الرئيس ان صورة هذا الوطن، وصورة القيادة السياسية فيه، وهيبة كرسي رئاسة الحكومة فيه، تحتاج كلها لا الى حملة اعلانية مضادة، بل الى عمل حثيث يتمثل بمحاربة ثقافة الفساد وسمعة الفساد اللصيقة بنا ساسة ومجتمعاً». واعترض عدد من الحضور على كلام لحود، الا انها تابعت كلمتها، وحين اعطي الكلام للوزير متري، توجه الى لحود قائلا: « يا سيدتي، بعيداً من الإثارة والخفة التي تفتقر إلى الدقة والرصانة أكان أصحابها لبنانيين أو أجانب، عودتمونا النظر في مسائل نظامنا السياسي وخصوصياته التاريخية والدستورية وسلوك مسالك التبادل والتفاعل والتشارك، والنظر النقدي في علاقات القوى الإقليمية والداخلية التي تحدد وجهة التطور، وأول ما يستوقف المتابعين والمهتمين لما تسعون وراءه هو الحرص على تعدد المقاربات وإتاحة الفرصة لكوكبة من الباحثين في مجالات القانون والتاريخ والسياسات لا تضيق بالتنوع وتحاذر انقلابه تنابذاً فتتحول السياسة بل لعلها ترتد إلى مجرد صراع على السلطة فعلي في معظم الأحوال ورمزي في أحيان كثيرة، بل تصبح على حد عبارة ياسين الحافظ «خناقة شرقية» ليس لها آخر، تحركها العصبيات التي يعاد اختراعها يوماً فيوم». وبعد انتهاء متري من القاء كلمته، انسحب عدد كبير من الحضور ابرزهم النائب تمام سلام احتجاجاً على ما ورد على لسان لحود.