ترقد عظام بشرية منذ ألف سنة في محيط كنيسة سان جيرمان دي بريه في باريس، وقد عثر عليها أخيراً علماء آثار في اكتشاف أطلق أسئلة وتكهنات حول صاحب هذا القبر. ودفن صاحب القبر ويداه متشابكتان على صدره، ورأسه متجه ناحية الكنيسة، وهي من أقدم الكنائس في العاصمة الفرنسية، إذ شيدت في عهد الملك شيلدبير من الأسرة الميروفنجية في القرن السادس للميلاد. وقد دمرت هذه الكنيسة التي ضمت أولى مقابر الملوك على يد النورمان، الشعوب الشمالية التي هاجمت اوروبا أواخر الالف الأول للميلاد، ثم أعيد بناؤها على نمط بناء الكاتدرائيات الرومانية مطلع الالفية الثانية. وهذا الهيكل العظمي الذي يحمل الرمز «اس بي او 10» ليس الوحيد المعثور عليه في الباحة الصغيرة للكنيسة، بل إن علماء الآثار العاكفين منذ أسابيع على التنقيب في المكان عثروا على أربعة قبور تعود إلى الحقبة الميروفنجية بين القرنين السادس والسابع. والأسرة الميروفنجية هي أسرة حكمت ما يعرف اليوم بفرنسا وبلجيكا وأجزاء من ألمانيا وسويسرا بين القرنين الخامس والثامن للميلاد. وتمكن العلماء من نبش عشرة هياكل عظمية، وهم يعتقدون أن ثمة هياكل أخرى، إذ ان عدداً من النواويس لم يفتح بعد. ويقدر الفريق أن المهمة ستنتهي مع أواخر الشهر المقبل، لتبدأ بعد ذلك الأعمال اللازمة لمنع الرطوبة من التسرب إلى جدران الكنيسة. يشار إلى أنه في القرن التاسع عشر، بدأ عالم الآثار تيودور فاكر أعمال التنقيب في هذا الموقع، بالتزامن مع شق جادة سان جيرمان. وفي ذلك الحين، عثر عالم الآثار على قبور ميرونجيفية، لكن أبحاثه كانت تتركز على المقتنيات المستخدمة في الدفن في تلك الحقبة، ولم يلتفت إلى الهياكل العظمية. ويقول رئيس دائرة الآثار في باريس دافيد كوكسال ان سان جيرمان دي بريه ضمت أول مقبرة ملكية قبل أن تنقل إلى سان دوني في منطقة باريس. ويضيف: «كان أفراد الطبقة العليا من النبلاء يدفنون إلى جانب الملك». ويقول فرنسوا غوريه عالم الآثار المشرف على الورشة في باحة الكنيسة: «كنا نتوقع أن نعثر على قبور من المقبرة الميروفنجية». لكن الجديد هو العثور على القبور الكارولنجية في مستوى أعلى من مستوى القبور الميروفنجية، ولم يعثر في هذه القبور سوى على هياكل عظمية لرجال، الأمر الذي يدفع العلماء إلى ترجيح أن تكون هذه القبور مخصصة لرهبان. ويأمل علماء الآثار ان يتوصلوا إلى اكتشافات جديدة في الأشهر القليلة المقبلة، ولا سيما مع فتح النواويس الميروفنجية. ففي تلك الحقبة، كان النبلاء يدفنون مع مقتنياتهم وأسلحتهم وملابسهم، وإذا لم تتعرض هذه النواويس للنهب، فإن العلماء يتوقعون العثور على كنوز أثرية.