استدعت قضية التدقيق بأسماء المرشحين الى الانتخابات جدلاً سياسياً مستمراً منذ شهور وتطلبت اجراءات متنوعة وتشكيل لجان مختلفة. بدأت أولى الاشكاليات حول عملية التدقيق مع رفض البرلمان المصادقة على ترشيح أشخاص اقترحتهم الحكومة لتولي مهمة رئاسة «هيئة المساءلة والعدالة» البديلة لهيئة «اجتثاث البعث» التي صدر أمر بتجميدها. ومع اقتراب موعد الانتخابات وعدم حسم وضع اسماء المرشحين لرئاسة الهيئة الجديدة كلفت هيئة «اجتثاث البعث» المنحلة بقرار من رئيس البرلمان مهمة التدقيق في سجلات الناخبين، عبر ادارة عمل «هيئة المساءلة والعدالة». وفي هذا الإطار أصدرت الادارة الموقتة ل «هيئة المساءلة»، التي رأس ادارتها التنفيذية علي اللامي، خلال اسبوعين حزمة من القرارات استبعدت نحو 570 مرشحاً من خوض الانتخابات بتهمة علاقتهم بحزب البعث او الترويج له. ووسعت «المساءلة» دائرة عمليات الحظر لتستند الى تفسير المحكمة الاتحادية للمادة السابعة من الدستور يتيح حظر الحزب السياسي الذي يشمل زعيمه بإجراءات الاجتثاث، ولكن لم يتم العمل بموجب هذا التفسير في الانتخابات السابقة. وبعد جدل سياسي واسع والتشكيك بشرعية قرارات «المساءلة» ووجود دوافع سياسية قد تقف خلف عمليات الاقصاء، إضافة الى افتقار الهيئة الى غطاء قضائي حسب قانون «المساءلة والعدالة»، أقر البرلمان في 12 كانون الثاني (يناير) تشكيل هيئة من سبعة قضاة باسم «هيئة التمييز» رشحهم مجلس القضاء الأعلى للنظر في الطعون التي يقدمها المشمولون بقرارات «المساءلة والعدالة». وفي الوقت ذاته شكل البرلمان لجنة برلمانية من 3 أعضاء من كتل مختلفة كلفها التحقيق في الاتهامات باحتمال اتخاذ قرارات الحظر لأسباب سياسية، لكن هذه اللجنة لم تعلن اي نتيجة رسمية للتدقيق فيها. ومع مرور الوقت اقدمت «هيئة المساءلة» على إلغاء حظر 67 مشمولاً بالقانون، قالت انهم قدموا طعوناً اليها، وعزت تراجعها عن قرارها إلى وجود تشابه في الاسماء. وبعد ذلك، رفعت «هيئة المساءلة» اسماء المشمولين بالحظر الى «المفوضية العليا المستقلة للانتخابات» التي بدورها ابلغت الكيانات السياسية ضرورة ابدال الاسماء المشمولة او تقديم طعون لرفعها الى «هيئة التمييز». في هذا الوقت تراجع 82 مرشحاً من المشمولين بإجراءات «المساءلة» عن خوض الانتخابات ولم يقدموا طعوناً لأسباب مجهولة، بينهم وزير الدفاع عبدالقادر العبيدي، فيما استبدلت كتل سياسية 244 مرشحاً مشمولين بإجراءات المساءلة وقدمت أسماءهم الى مفوضية الانتخابات من دون ان يتضح ما اذا كان لهؤلاء حق نقض قرارات الهيئة ام لا. ومع اصدار «هيئة التمييز» القضائية في 4 شباط الجاري قراراً بتأجيل البت بقضايا المشمولين بالحظر الى ما بعد الانتخابات وتعليق عضوية الفائزين منهم الى حين اكمال التدقيق بأسمائهم ثارت ضجة سياسية وشعبية كبيرة قادتها احزاب وقوى سياسية بما فيها الحكومة، واجتمع رؤساء الحكومة والبرلمان ومجلس القضاء الأعلى، وأصدروا توصية الى هيئة التمييز بالتدقيق في الطعون قبل الانتخابات وليس بعدها، فيما طلبت المفوضية العليا للانتخابات رأي المحكمة الاتحادية في قرار هيئة التمييز مشاركة المرشحين المحظورين. وفي 7 شباط الجاري تراجعت هيئة التمييز عن قرارها وبدأت التدقيق في أسماء 177 من المحظورين الذين وصلت طعونهم الى الهيئة بطريقين: الأول من طريق مفوضية الانتخابات التي سلمت الاحزاب قرارات الحظر وعدد هؤلاء 37 مرشحاً. والثاني عن طريق «هيئة المساءلة والعدالة» نفسها او بشكل مباشر الى هيئة التمييز وعدد هؤلاء 140 مرشحاً. لكن هيئة المساءلة والعدالة عادت لاحقاً للتأكيد ان قرارات هيئة التمييز التي وصلت اليها في شكل مباشر ليست قانونية وغير ملزمة لمفوضية الانتخابات لأنها لم تصل عبر المفوضية، وهي الجهة التي بلغت الكتل بقرارات الحظر ويفترض ان تتسلم طعونهم. وحتى يوم امس ظل الأمر معلقاً حول الوضع القانوني ل 140 مرشحاً إضافة الى نتائج التدقيق في 37 مرشحاً آخر وسط تسريبات عن رفض معظم الطعون.