يعترف المؤرخون الغربيون بأهمية ابن الهيثم في تطوير علم البصريّات، بل في ولادته العلميّة فعليّاً، إذ أورد أرنولد توينبي في كتاب «تراث الإسلام»، أنّ علم البصريّات وصل إلى الأوج بظهور ابن الهيثم. وفي نفسٍ مماثل، أعرب جورج سارطون في كتابه «مدخل إلى تاريخ العلوم»، عن قناعته بأن: «ابن الهيثم أعظم عالِم ظهر عند المسلمين في علم الطبيعة، بل أعظم علماء الفيزياء في القرون الوسطى، ومن أعظم علماء البصريّات القليلين المشهورين في كل زمن، وأنه كان أيضاً فلكياً، ورياضياً وطبيباً». وعلى نحو مُشابِه، وصفت «دائرة المعارف البريطانيّة» ابن الهيثم بأنه رائد علم البصريّات. وفي حديث إلى المجلّة التي تُصدِرها مؤسّسة «ألف اختراع واختراع»، قال البروفيسور جورج صليبا، وهو أستاذ من جامعة كولومبيا في نيويورك: «عرف ابن الهيثم عالميّاً بوصفه أكثر علماء الحضارة الإسلاميّة إبداعاً. وهو لم يكتف بمجرد نقد النظريات الموروثة عن علماء اليونان حول الضوء والإبصار، بل نجح في استبدالها بنظرياته المستندة إلى الاختبارات والبراهين». وفي «الموسوعة البريطانيّة»، يعلّق البروفيسور ريتشارد لورتش على أعمال ابن الهيثم قائلاً: «إن كتابه حول البصريّات يحوي منظومة كاملة من القوانين عن انعكاس الضوء، إضافة إلى بحث تفصيلي عن انكسار الضوء. وكذلك يتضمّن اختبارات عن علاقة زوايا استقبال الأشعة وانحرافها أثناء الانكسار. كما شرح أن سبب انكسار الضوء يعود إلى إبطاء حركته أثناء عبوره في محيط شفاف أكثر كثافة، كما يحدث عند عبور الضوء من الهواء إلى الماء. كما تضمنت أعماله حول الضوء حلاً ل «مسألة الهازن»، وهي مسألة طرحها بنفسه لتحديد نقطة انعكاس الضوء على مرآة مسطحة أو مقعّرة، حين تنظر العين من موقع معيّن إلى نقطة محددة عبر سطح المرآة». ومن الصعب عدم ذكر أن نظريات ابن الهيثم في علم البصريّات تُدرّس حالياً في المدارس والمعاهد على أنها قوانين ديكارت وهيغنز، من دون الإشارة إلى ابن الهيثم مطلقاً!