ثراء أرياف «معتمدية باجة الجنوبية» في تونس، بمواردها الزراعية، لا ينعكس إيجاباً على واقع سكانها الذين يعانون من نقص المياه منذ ثلاث سنوات، ما اضطر عدداً منهم إلى الاعتماد على «العيون الطبيعية» لتأمين احتياجاتهم. وفي قرية لنفاع، الهادئة والخالية من مسببات التلوث البيئي، تتوسط مساكن مشتتة الجبال. وتستعد صاحبة منزل واقع بين «حدائق» الزيتون للذهاب إلى «عين بوفرة» التي تبتعد من منزلها 3 كيلومترات لجلب الماء. اعتلت السيدة الحمار، واصطحبت بناتها ليساعدنها على حمل «البيدون»، مؤكدة أنها «تذهب يومياً في الصباح الباكر وفي المساء». الطريق إلى «بوفرة» مليئة بحاملي «البيدون»، هذه على ظهرها، فيما الآخر يمتطي حماره. وأخرى تقود أبقارها إلى العين حيث يجتمع الأهالي لغاية واحدة: الماء. تجمع بعض الأهالي عند العين، وكان من بينهم شاب في العشرينات من عمره يدعى محرز بن محمد. انقطع محرز عن الدراسة من أجل «الفلاحة»، كان يحارب من أجل تعبئة المياه ونقلها بسيارته، فهو يحتاج إلى 3000 ليتر منها يومياً من أجل مشروعه الخاص بتربية الماشية، لكن انقطاع المياه أحد أبرز تحدياته. أما كمال بن عبدالله، فمعاناته أكثر قسوة، إذ ماتت دجاجاته من العطش. وهو يملك خروفين قرر ببيعهما لأنه لم يجد الماء لعائلته، فالعين لا تكفي حاجة السكان. وقال رئيس «الجمعية المائية» السيد لطفي العياشي إنه «كانت هناك محطتان تضخان المياه لنحو 350 عائلة، لكن ديون استهلاك الكهرباء بلغت 11 مليون دينار، ما دفع الشركة التونسية للكهرباء والغاز إلى قطع التيار، بسبب عدم تسديد الديون». وحمّل العياشي المسؤولية ل«المندوبية الجهوية للفلاحة»، قائلاً إن «خزان الماء كان به عطل لم يصلحه، إذ كان يمتلىء ليلاً ب 5000 ليتر، لكنه يفرغ في الصباح وهو ماء ضائع محسوب على استهلاك المواطنين».