في الوقت الذي احتاجت كوريا الجنوبية ل60 يوماً فقط لتتمكن من الإعلان بشكل رسمي عبر رئيس حكومتها من السيطرة على فايروس «كورونا»، لا تزال وزارة الصحة السعودية تعلن بين يوم وآخر عن تسجيل حالات جديدة منذ ما يزيد على ثلاثة أعوام، كان آخرها إعلان حالة طوارئ في عدد من المستشفيات السعودية، منها مستشفى «الحرس الوطني». وأعلن وزير الصحة المهندس خالد الفالح عبر حسابه في «تويتر» أمس، تفشي الفايروس وارتفاع عدد الحالات، مؤكداً أن الوضع الحالي يستوجب الحذر من دون الإفراط في القلق، مضيفاً: «أطمئنكم بأن الانتشار الحالي محدود نسبياً، وكل الحالات التي رصدت أخيراً في الرياض هي أحادية المصدر، ونسعى بوتيرة متسارعة ومهنية عالية للسيطرة عليه»، ويأتي ذلك بعد أن أشار في تغريدة له أول من أمس، إلى نيته عقد اجتماع مع جميع مديري مستشفيات مدينة الرياض بهدف احتواء التفشي الحالي ل«كورونا». وبحسب الأرقام الرسمية المعلنة فإن حكومة كوريا الجنوبية سجلت في الفترة من 20 أيار (مايو) من العام الحالي، وحتى 21 تموز (يوليو) من العام ذاته 36 حالة وفاة جراء الإصابة بالفايروس، وإصابة 186 شخصاً، قبل أن تُعلن السيطرة عليه وعدم تسجيل حالات جديدة، على رغم أن عدد سكان كوريا الجنوبية يصل إلى 48 مليون، فيما أعلنت السعودية حالة الطوارئ للمرة الثانية خلال 6 أشهر بإغلاق الطوارئ في مدينة الملك عبدالعزيز الطبية في وزارة الحرس الوطني، قبل أن يسبقها إغلاق جزئي في كانون الثاني (يناير) الماضي لطوارئ مدينة جامعة الملك سعود الطبية (مستشفى الملك خالد الجامعي) في الرياض. وفي الوقت الذي يشدد اختصاصيون على ضرورة الاستعانة بخبرات الكوريين وتجربتهم الناجحة في مكافحة «كورونا»، كانت وسائل إعلام كورية جنوبية ذكرت سابقاً أن وزارة الصحة الكورية استعانت بخبراء مكافحة العدوى في السعودية عند تفشي الفايروس فيها في حزيران (يونيو) الماضي، بيد أن كوريا أعلنت القضاء عليه في حين أضحى كورونا هاجساً يجتاح المستشفيات السعودية. من جهته، طالب الأستاذ الجامعي في كلية الطب في جامعة الملك سعود في الرياض الدكتور عبدالقادر الحيدر بضرورة التعاون والاستفادة وبشكل عاجل من تجربة كوريا الجنوبية في مكافحة تفشي فايروس «كورنا»، مشدداً على أن التجربة الكورية الجنوبية أثبتت نجاحها بتوقفه على رغم حداثتها. وأفاد الحيدر في حديثه ل«الحياة» بأن الكوريين نجحوا منذ البداية من خلال سرعة كشفهم عن الحالات الحاملة للفايروس، مؤكداً أن وزارة الصحة السعودية يجب أن تستفيد من تجربة نظيرتها الكورية الجنوبية، منوهاً بأن المستشفيات في كوريا الجنوبية تتفوق على المستشفيات السعودية بشكل كبير، خصوصاً في جوانب التعقيم والطب الوقائي». يذكر أن عدد الوفيات جراء الإصابة بمتلازمة الشرق الأوسط التنفسية «كورونا» بحسب مركز القيادة والتحكم التابع إلى وزارة الصحة بلغ 483 حالة وفاة، فيما سجلت 592 حالة تماثلت للشفاء، وبحسب التقارير اليومية والأسبوعية الصادرة عن المركز بلغ إجمالي عدد الإصابات بالفايروس 1118. شبح «الفايروس» يهيمن على المدارس ألقى فايروس «كورونا» بظلاله على انطلاقة العام الدراسي الجديد، في ظل تزايد أعداد الإصابات المثبتة والوفيات الناجمة عن الفايروس، الذي يعيش هذه الأيام مرحلة الذروة. وعلى رغم أنه لم تسجل إصابات تذكر بين الصغار في السن منذ ظهور الفايروس، فإن التحذيرات لاحقت نحو 5 ملايين طالب وطالبة يستعدون لليوم الدراسي الأولى الأحد المقبل. ولجأت مدارس في المنطقة الشرقية إلى تعليق لوحات إرشادية وتعبيرية، لأجل تفادي الإصابة بالفايروس، تزامناً مع بدء العام الدراسي. وتضمنت اللوحات عبارات نصح وإرشاد، تؤكد أهمية النظافة واتباع التعليمات، تجنباً للإصابة، مقدمة نصائح إلى الأمهات الحوامل اللاتي سيرافقن بناتهن في الأسبوع التمهيدي لاستقبال الطلبة المستجدين. كما تعتزم مدارس أهلية تقديم كمامات للطلبة والأمهات، أثناء تسلم الكتب، تجنباً للزحام. وكانت هذه المدارس قدمت نصائح على شكل رسائل نصية بضرورة جلب معقمات، وتعليم الأطفال طرق استعمالها، للحفاظ على النظافة العامة». وبادرت إدارات تعليم في المناطق إلى التنسيق مع مديريات الصحة، لمكافحة الفايروس، وإعادة درس الخطط التي وضعت قبل أعوام، وتكثيفها مع بدء الدراسة. وكانت وزارتا الصحة والتعليم أطلقتا خططاً وقائية لحماية الطلبة من الإصابات وانتشار الفايروس. فيما دعت إلى «توخي الحيطة والحذر وإعادة تفعيل الخطط مع مراقبة أوضاع الطلبة، من خلال التنسيق مع مديريات الصحة». وأكد مصدر في وزارة التعليم ل«الحياة» «أن اجتماعات عقدت مع وزارة الصحة لأجل منع انتشار الفايروس في المدارس، وهناك تنسيق وتعاميم ستصدر لوحدات الصحة المدرسية، بالتنسيق مع مديريات الصحة في المناطق». فيما أوضحت مشرفات في الصحة المدرسية بالدمام ل«الحياة»، أن «هناك خططاً عاجلة لمراقبة أوضاع الطلبة، وإعادة نشر الأساليب التوعوية، حفاظاً على صحة الطلبة، وسيتم في اليوم الأول تفعيل الخطط التي اعتمدت سابقاً، إضافة إلى خطة توعوية جديدة، ترفع منسوب الحذر، خوفاً من الإصابة بالفايروس». وقالت المشرفة التربوية نورة بوبشيت: «مازال التنسيق جارياً بين إدارة التعليم ومكاتب الصحة في المناطق. كما سيتم تعليق اللوحات الإرشادية، وتأكيد أهمية النظافة العامة، مع ضرورة الغياب في حال وجود أعراض شبيهة بأعراض الفايروس، إلى حين التأكد من خلو الطالب من الإصابة، كما يوجد برنامج مخصص للمعلمين الجدد، بعد أن تم إطلاق مجموعة تحذيرات من وزارة الصحة، ومعاودة الفايروس من جديد»، لافتة إلى توجه لتنفيذ «خطة إرشادية عن مسببات العدوى، في الأسبوع الأول». وأوضحت ابتهال عليوي (مديرة مركز صحي في الدمام) أنه يوجد تنسيق مباشر مع المدارس، وإجراء فحوص للطلبة للتأكد من سلامتهم وعدم إصابتهم بالفايروس، وإجراء التحاليل اللازمة في المختبرات الرئيسة، وفقاً لتعاميم وزارية». .. وتوجيه بتطبيق الوقاية الصحية أصدر وزير التعليم الدكتور عزام الدخيّل توجيهاً لجميع إدارات التعليم بمناطق ومحافظات المملكة، تضمّن أهمية التوعية الصحية بإجراءات الصحة العامة بالمدارس وتطبيق الوقاية من الأمراض المعدية، وتنفيذ خطة الوزارة للوقاية من متلازمة الشرق الأوسط التنفسية (كورونا). وشدد التوجيه على ضرورة استخدام جميع الوسائل المتاحة، ومنها وسائل التواصل الاجتماعي، لتوعية منسوبي ومنسوبات المدارس والطلاب والطالبات لضمان بيئة مدرسية مناسبة، وتوفير أجواء تعليمية صحية ملائمة لجميع الفئات في المجتمع المدرسي، إضافة إلى اتخاذ جميع الإجراءات لتحسين البيئة المدرسية وتخصيص غرفة للعيادة المدرسية وتجهيزها باللوازم الطبية والتجهيزات المكتبية، وتوفير وسائل النظافة الشخصية، وتأمين المعقمات في جميع مرافق المدارس على مدار الساعة، مع تكثيف أعمال النظافة العامة. وتأتي خطة وزارة التعليم بهدف إيجاد وثيقة لإرشاد مسؤولي ومنسوبي التعليم على مختلف المستويات للتوعية من الأمراض المعدية وكيفية الحماية من العدوى والالتزام بإجراءات الصحة العامة في المدارس، حفاظاً على صحة وسلامة الطلاب ومنسوبي المدارس، كما تأتي انطلاقاً من سياسة التعليم بالمملكة التي ركزت على الحفاظ على صحة الطلبة ومنسوبي المدارس وتهيئة الجو الصحي للدراسة، وإشراك كل الجهات ذات العلاقة على كل المستويات داخل الوزارة والجهات ذات العلاقة في وزارة الصحة واللجنة العلمية الوطنية للأمراض المعدية.