بعد مرور يوم واحد على جولة اقتراع حاسمة لاختيار رئيس جديد في اوكرانيا، استعاد البلد المشهد ذاته الذي مر به في عام 2004 خلال «الثورة البرتقالية». ومع إعلان النتائج الأولية نزل أنصار زعيم حزب «الأقاليم» فيكتور يانوكوفيتش إلى الشارع للاحتفال بفوزه، فيما تجمع أنصار رئيسة الوزراء يوليا تيموتشينكو في اعتصامات تطالب بإعادة فرز الأصوات. ولم تكن النتائج التي أعلنتها لجنة الانتخابات المركزية أمس، بعد فرز نحو 98 في المئة من بطاقات الاقتراع بعيدة عن توقعات المراقبين إذ دلت إلى فوز ضعيف حققه يانوكوفيتش بحصوله على أكثر بقليل من 48 في المئة من أصوات الناخبين في مقابل أقل من 46 في المائة لمنافسته تيموتشينكو التي احتفظت بالصمت، في ظل تساؤلات عن خطواتها التالية بعدما هددت بثورة جديدة اذا خسرت الاقتراع. وأعلن رئيس لجنة الانتخابات المركزية الأوكرانية فلاديمير شابوفال أن النتائج الرسمية للجولة الثانية من انتخابات الرئاسة الأوكرانية ستعلن قبل نهاية الأسبوع المقبل. وأثار الفارق الطفيف في الأصوات بين الطرفين مشكلة ليانوكوفيتش الذي كان يأمل في أن يتجاوز الفارق عشر نقاط، ما يمنحه وضعاً قوياً لمواجهة أية محاولات للتلويح بوقوع انتهاكات. ويأتي ذلك على رغم أن المراقبين الأوروبيين أشادوا بالعملية الانتخابية واعتبروها «ديموقراطية وشفافة» كما وصفها رئيس بعثة المراقبين عن البرلمان الأوروبي بافل كوفال الذي أضاف أن العملية الانتخابية تعد «خطوة جديدة لأوكرانيا باتجاه أوروبا». لكن مقربين من تيموتسشينكو سارعوا إلى إعلان عزمهم اللجوء إلى القضاء للبت في المسألة بعدما أشاروا إلى «عمليات تزوير رافقت احتساب الأصوات» . وانضمت بعثة المراقبين عن الجمعية البرلمانية لمنظمة الأمن والتعاون إلى «المرحبين بالعملية الشفافة» التي وصفها رئيس البعثة جواو سواريش بأنها» تركت لدينا انطباعاً عميقاً للغاية إذ قدم اقتراع الأمس (أول من أمس) صورة مثيرة للانتخابات الديموقراطية» لكن تقويم المراقبين الأوروبيين لم يؤثر على الوضع في الشارع، إذ تجمهر آلاف من أنصار تيموتشينكو حول مبنى لجنة الانتخابات وسط العاصمة كييف رافعين شعارات طالبوا فيها ب «عدم سرقة أصواتنا». وأعاد المشهد إلى الأذهان الوضع في أوكرانيا عندما انطلقت «الثورة البرتقالية» في عام 2004 بعد وضع مماثل تماماً، إذ دلت نتائج الانتخابات الأولية حينها إلى فوز يانوكوفيتش على منافسه فيكتور يوتشينكو بفارق لا يتجاوز 2.7 في المئة، وأجبرت الاعتصامات الكبرى التي نفذتها المعارضة في حينه، لجنة الانتخابات المركزية على الموافقة على إعادة فرز الأصوات، بعدما لجأ يوتشينكو إلى القضاء وضغط الشارع. وعلى رغم المقاربة التي أجراها مراقبون امس، فإن خبراء في كييف تحدثت إليهم «الحياة» خففوا من احتمالات تكرار «ثورة ملونة» وأشاروا إلى أن الشارع الأوكراني لن يتحرك بالكثافة ذاتها التي شهدتها البلاد في عام 2004 بسبب ضغط الأوضاع المعيشية والظروف الاقتصادية الصعبة وأيضاً بسبب فقدان الثقة بالنخب الحاكمة في البلاد. وأوضح خبراء أن لجوء تيموتشينكو إلى القضاء يمكن أن يعطل لفترة تتويج الرئيس المنتخب لكنه لن يسفر في الغالب عن إعادة فرز الأصوات أو إعادة العملية الانتخابية برمتها، وهو أمر ارتفعت أصوات في أوكرانيا بالمطالبة به. لكن هذا التفاؤل قابله رأي أشار إليه البعض عندما تحدثوا عن احتمال تدخل الرئيس المنتهية ولايته الذي يقف على مسافة واحدة في صراعه مع كل من يانوكوفيتش ورئيسة الوزراء لاستغلال الموقف من أجل تصعيد المواجهة ما يمنحه فرصة لإعلان نتائج لانتخابات لاغية ويحدد موعداً لاحقاً لإعادتها، ما يمكن أن يسفر عن تعميق الأزمة المستفحلة في أوكرانيا لفترة طويلة.