رفض الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إعطاء المعارضة فرصة لتشكيل حكومة، واعتبر أن المساعي في هذا الشأن انتهت، بعد فشل رئيس الوزراء أحمد داود أوغلو في التوصل إلى حكومة ائتلافية. وبالتزامن هاجم مسلحان يساريان قصر «دولمه باشا» في إسطنبول الذي يعتبر رمزاً للسلطة العثمانية التي يريد اردوغان احياء عظمتها، ما اعتبره مراقبون استهدافاً للرئيس واتجاهاته السياسية وحكمه المطلق. وبدأ أردوغان التشاور مع رئاسة البرلمان من أجل تشكيل حكومة «انتخابات» تشارك فيها الأحزاب الأربع الممثلة فيه، لكن تحت قيادة داود أوغلو أيضاً، علماً أن المعارضة أعلنت رفضها لهذا الخيار. وشدد «حزب الشعب الجمهوري» المعارض، على «حقه الدستوري» في محاولة تشكيل حكومة، باعتباره ثاني أكبر الأحزاب في البرلمان، متهماً أردوغان ب»غصبه حقه». أتى ذلك بعد تصريح الرئيس التركي بأنه لا ينوي التعاون مع «من لا يعرفون طريق القصر الجمهوري ويرفضون زيارته»، في إشارة إلى زعماء المعارضة. واعترف أردوغان بأن البلاد «تتجه بسرعة نحو انتخابات مبكرة». ويستند أردوغان إلى فراغ في الدستور لجهة صياغة مسؤوليات الرئيس عن تشكيل الحكومة، إذ ينص الدستور على انه «بإمكان الرئيس تكليف زعيم الحزب الأكبر في البرلمان وبإمكانه تكليف زعيم الحزب الثاني في حال فشل الأول»، لكن ذلك لا يفرض على الرئيس طريقة واضحة لتشكيل الحكومة. وذكرت مصادر في «حزب العدالة والتنمية» الحاكم، أن داود أوغلو ترك أمر تشكيل الحكومة للرئيس بشكل كامل، على أن ينسق الأخير مع رئيس البرلمان لوضع المعارضة أمام خيارين: إما المشاركة ولو بشكل رمزي في حكومة انتخابات برئاسة داود أوغلو، أو يشرف الحزب الحاكم بمفرده على انتخابات يتوقع إجراؤها في الأسبوع الأخير من تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل. وأشار أوزير سانجار رئيس مركز «متروبول» الشهير للاستطلاعات إلى احتمال زيادة نسبة التصويت ل»حزب الشعوب الديموقراطية» الكردي، على عكس آمال أردوغان الذي وحدت حملته على «الكردستاني» الأكراد، ما ينذر ب»تشكيل تيار قومي كردي سياسي برلماني». ولفت سنجار إلى أن الشارع بات يدرك أن كل ما يحدث في تركيا ما هو إلا سيناريو عمل عليه أردوغان لدفع الناخبين إلى قبول مشروعه لتحويل النظام رئاسياً. وفاقمت الأوضاع اضطرابات امس، في إسطنبول حيث قتل شاب تركي يبلغ من العمر 17 سنة في مواجهات بين الشرطة ومجموعة تابعة ل»حزب العمال الكردستاني» المحظور. وأفادت وكالة أنباء «الأناضول» أن المواجهات وقعت حين تظاهرت مجموعة من 20 شخصاً من دون ترخيص في منطقة اسنلر و»فتحت النار على الشرطة». يأتي ذلك في سياق تصاعد التوتر في جنوب شرقي تركيا ذي الغالبية الكردية، حيث قتل 8 جنود بتفجير نفذه المقاتلون الأكراد امس، في إطار مناوشات نشأت بعد شن أنقرة ما اسمته «حرباً على الإرهاب» ضد مسلحي «الكردستاني». وأشارت «الأناضول» إلى أن الشبان المشاركين في اشتباكات إسطنبول أعضاء في «حركة الشباب الوطنية الثورية»، وكانوا ملثمين ويحملون قنابل مولوتوف ومعدات لصنع قنبلة. ولفتت الوكالة إلى أن الشرطة أبطلت مفعول قنبلة في مكان الحادث. وألقي القبض على أربعة أشخاص، فيما فر الآخرون. ولم يعرف إذا كانت المواجهات مرتبطة بإطلاق نار أمام قصر «دولمه باشا» في إسطنبول حيث أعلن مكتب حاكم المدينة اعتقال مسلحيَن هاجما الشرطة، وأطلقا النار وقنابل يدوية. وأضاف مكتب الحاكم في بيان أن المهاجمَين ينتميان إلى «جماعة إرهابية» ويعتقد أنهما متورطان بهجوم مسلح على مقر «حزب العدالة والتنمية الحاكم» في الثامن من الشهر الجاري.