تباينت ردود الفعل على حزمة الإصلاحات الثانية التي أعلنها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، وتنص على إلغاء أربع وزارات ودمج ثمانية أخرى، وسط تحذيرات من استخدام ورقة الإصلاح ل»الاقصاء والتهميش واتخاذ قرارات تؤدي الى فوضى إدارية»، خصوصاً في المحافظات التي ألغت عشرات من الدوائر المحلية. إلى ذلك، قرر مجلس القضاء الأعلى بقاء رئيسه القاضي مدحت المحمود في منصبه، وأصدر سلسلة قرارات لتفعيل دوره، وكانت لجان تنسيق التظاهرات طالبت باستقالته. وأعلنت أن حزمة الإصلاحات التي أعلنها العبادي أول من أمس ليست في مستوى الطموح، وأكد الناشطون أن الوزارات التي أُلغيت هي في الاصل شكلية لا تمتلك موازنات مالية ضخمة. ولفتوا الى ان الغرض من تقليصها توفير الاموال لدعم العجز الذي تواجهه الموازنة العامة، بينما أُلغيت وزارات لا يمتلك بعضها مكاتب مستقلة وتمارس عملها في مبنى مجلس الوزراء. وكان العبادي قرر أول من أمس تقليص عدد أعضاء مجلس الوزراء ليكون 22 عضواً اضافة الى رئيس المجلس، بدلاً من 33 عضواً من خلال إلغاء مناصب نواب رئيس الوزراء الثلاثة، وإلغاء وزارة حقوق الانسان، وثلاث وزارات دولة مختصة بشؤون المرأة وشؤون المحافظات وشؤون مجلس النواب، ودمج وزارات العلوم والتكنولوجيا في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي، ووزارة البيئة في وزارة الصحة ووزارة البلديات في وزارة الإعمار والإسكان ووزارة السياحة والآثار في وزارة الثقافة. وقال عضو «ائتلاف دولة القانون» سعد المطلبي ل «الحياة» ان «عملية الإصلاح مستمرة وستنفذ على مراحل»، ولفت الى ان «العبادي حصل على تفويض كامل من الإئتلاف بالتصرف في كل المناصب التي نشغلها في الحكومة ولكن هناك كتل مترددة في القبول بعملية الاصلاح». وشدد على «ضرورة مشاركة كل الكتل في العملية»، وأشار الى ان «الكتل المعارضة ستصبح تحت رقابة التظاهرات والمرجعية الدينية وهما عنصران سيساهمان في إنجاح الإصلاحات في نهاية المطاف». وقال رئيس كتلة «الإتحاد الإسلامي الكردستاني» في البرلمان مثنى أمين أمس إن تقليص الوزارات «ليس اصلاحاً بل خديعة لأن بعضاً من تلك الوزارات كانت تكلف موازنة الدولة أقل المصاريف، ولم تكن تشكل عبئاً مالياً كبيراً على الحكومة». الى ذلك، حذر رئيس البرلمان سليم الجبوري من استغلال الإصلاحات في «الإقصاء والتهميش»، وقال خلال مؤتمر صحافي امس ان «البرلمان ملتزم بما وعد به الشعب بانجاز الورقة البرلمانية او مراقبة الورقة الحكومية للاصلاح، لكننا لاحظنا ان بعض مراحل الاصلاح، خصوصاً تلك التي صدرت من المحافظات أو مسؤولي الدوائر أو جهات معينة تحت عنوان الاصلاح، تمضي في اتجاه تصفية الحسابات». وحذر من «اتخاذ ورقة الاصلاحات وسيلة لعمليات التصفيات السياسية او الإدارية»، وأشار الى ان «كل ما نريد هو محاسبة المقصر والفاسد الذي أثرى على حساب المال العام، أما هذه العمليات في عنوان الاصلاح فأمر يرفضه مجلس النواب، لا نؤيده، ولا نمضي باتجاه عملية اصلاح مبطنة تحمل بين ثناياها الاقصاء او التهميش». وشهد العديد من المحافظات، جنوب البلاد، تظاهرات واسعة دفعت محافظين ورؤساء مجالس محلية الى اتخاذ قرارات بالغاء العشرات من الدوائر وإقالة مسؤولين. الى ذلك، رفض مجلس القضاء الأعلى بالاجماع طلب رئيسه القاضي مدحت المحمود إحالته على التقاعد، واوضح في بيان انه «عقد اليوم (أمس) جلسة استثنائية لمناقشة تطوير المسيرة القضائية واتخذ عدداً من القرارات المهمة». وتابع ان «الجلسة استمرت برئاسة نائب رئيس المجلس للبت في طلب القاضي المحمود والتصويت عليه»، واشار الى ان «اعضاء المجلس أصدروا قراراً بالإجماع يرفض طلبه، لأن المصلحة العامة والعدالة في هذه المرحلة تقتضي البقاء في مهامه رئيساً». وكانت تظاهرات الجمعة الماضية في ساحة التحرير في بغداد طالبت بإصلاح القضاء وإقالة المحمود، فيما طالب المرجع الشيعي الاعلى علي السيستاني بإصلاح القضاء واعتبره خطوة اساسية نحو تطبيق الاصلاحات الحكومية. وأصدر مجلس القضاء أمس سلسلة قرارات بينها «إعادة ربط المحاكم المختصة بجرائم الفساد المالي والإداري وغسيل الأموال والجريمة الاقتصادية برئاسة محكمة الإستئناف في بغداد ، وبإشراف مباشر من رئيس الاستئناف وتشكيل محاكم متخصصة في قضايا النزاهة في مراكز الاستئناف كافة».