استبعدت مصادر من «الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي» أن تتوصل دول المنطقة إلى اتفاق للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي هذه السنة بسبب السياسة الحمائية التي تمارسها أوروبا بالإضافة إلى تداعيات الأزمة المالية العالمية التي كشفت أن الانفتاح الكامل على العالم يزيد من أخطار الأزمات الاقتصادية على المنطقة. وتحاول دول الخليج تركيز استثماراتها داخل المنطقة، بعد أن خسرت أصولها في الغرب أكثر من نصف قيمتها وتأثرت اقتصاداتها بسحب مستثمرين أجانب أموالهم من المنطقة فور انطلاق الأزمة المالية العالمية. وأشارت المصادر إلى أن الأزمة المالية كشفت «عدم جدوى الارتباط بتكتلات عالمية، خصوصاً أن كبرى الدول التي تقود تلك التكتلات تمارس سياسات حمائية على بضائعها». وكانت المفاوضات حول اتفاق التجارة الحرة بين الكتلتين عُلّقت نهاية العام الماضي بسبب إصرار الاتحاد الأوروبي على تضمين الاتفاق بنوداً سياسية واقتصادية جديدة، في وقت تطلب فيه دول خليجية، منها السعودية، إبقاء الرسوم الجمركية على عدد من السلع. ويتمسك الاتحاد الأوروبي بفرض ضرائب على واردات الألومنيوم والبتروكيماويات (تصل إلى ستة في المئة) من دول الخليج، الأمر الذي يجده المنتجون الخليجيون مجحفاً في حقهم ويقلل فرصهم التنافسية في أوروبا. وترى منطقة الخليج أنه في الوقت الذي يطالبها فيه الاتحاد الأوروبي منذ سنوات بتحرير كل قطاعاتها أمام الشركات الأوروبية، فإنه يسمح لشركاته بممارسة سياسة احتكارية ضد شركاتها.ويطالب الاتحاد الأوروبي تضمين اتفاق التجارة الحرة مع الدول الخليجية نصاً يقضي «بعدم أحقية أي دولة في وضع رسوم على صادراتها، إلا وفق قيود محددة، ويشترط عدم تجاوز مدة فرض الرسوم ثلاث إلى أربع سنوات، وألا يتجاوز حجم السلع التي تفرض عليها رسوم الصادرات نسبة ثلاثة في المئة من حجم التجارة المتبادلة الإجمالية». وفي ما يتعلق بالجانب السياسي، سبق للجانبين أن اتفقا على النصوص المتعلقة بحقوق الإنسان، لكن دول المجلس تتحفظ على الربط بين السياسة والاقتصاد في نصوص الاتفاق، على اعتبار أن ذلك «يعطي أحد الأطراف الفرصة للتدخل في الشؤون الداخلية للطرف الآخر بهدف تحقيق مصالح اقتصادية، الأمر الذي ترفضه دول مجلس التعاون». ويرفض الاتحاد الأوروبي موقف دول الخليج ووجهة نظرها حيال هذه الاقتراحات، ما دعا الخليجيين إلى تعليق الاتفاق بعد مفاوضات استمرت نحو 19 سنة، على رغم أن الخلاف بين الجانبين شهد العام الماضي وساطة فرنسية، لم تنجح في إقناع شركائها في الاتحاد الأوروبي بالعدول عن مطالبهم. وعلى رغم الخلاف على بعض بنود اتفاق التجارة الحرة، تعاونت الكتلتان بدرجات متفاوتة في بعض تلك الملفات خلال السنوات الماضية. ففي مجال الطاقة اجتمع فريق الطاقة الخليجي مع نظيره في الاتحاد الأوروبي في شباط (فبراير) الماضي في بروكسيل، وتبنيَا آليات جديدة لتعزيز التعاون بينهما في قطاع الطاقة، حيث شُكِّل فريق عمل للغاز الطبيعي وآخر لترشيد استخدام الطاقة، بالإضافة إلى توقيع اتفاق على إنشاء شبكة للطاقة النظيفة بهدف تبادل الخبرات وإيجاد آفاق جديدة أخرى للتعاون بين الجانبين في الطاقة النظيفة. يُشار إلى أن أوروبا تعتبر الشريك التجاري الأكبر لدول الخليج، مع العلم أن حجم التجارة الخارجية معها يفوق 181 بليون دولار، حيث تعتبر أسواق الخليج مستهلكاً رئيساً لمنتجات الدول الأوروبية، فيما يعتمد قسم كبير من الصناعات الأوروبية على النفط الخليجي كمصدر رئيس للطاقة.