طهران، أنقرة، ميونيخ – «الحياة»، أ ب، رويترز، أ ف ب – فشلت أجواء التفاؤل التي أشاعتها إيران في اليومين الماضيين، حول قرب التوصل الى اتفاق في شأن تبادل الوقود النووي، في إقناع الغرب بأن ثمة تحوّلاً إيجابياً في مقاربتها العرض الذي قدمته الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي لتسوية أزمة الملف النووي الإيراني. وأعلن المدير العام للوكالة يوكيا امانو ان وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي الذي التقاه أمس في ميونيخ، لم يقدم إليه أي اقتراح مضاد في هذا الشأن. وقال: «لم نتلقَ اقتراحاً جديداً. تبادلنا وجهات النظر، وأفضّل ألا أقدم وجهة نظري. الحوار يتواصل وينبغي تسريع وتيرته، هذا هو المهم». واللافت أن أجواء إيجابية أشاعها متقي، بدت متناقضة مع تصريحات لرئيس مجلس الشورى (البرلمان) الإيراني علي لاريجاني الذي نقلت وكالة «مهر» للأنباء عنه قوله: «انهم (الغربيين) يقولون: عليكم ان تتبعوا النهج الذي حددناه للتزود بالوقود لتشغيل مفاعل طهران، وإلا ستُعاقبون، لكنهم يعلمون أنها خدعة سياسية، وانهم يريدون انتزاع اليورانيوم المخصّب منا». واعتبر ان «الغرب ينظر بحقد الى إيران ويختلق الذرائع ضدها، والملف النووي مثال»، مضيفاً أن «الغرب لا يريد لإيران أو لأي بلد إسلامي أن يرتقي عن مستوى العالمين الثاني والثالث». وقال متقي، في ميونيخ حيث شارك في مؤتمر الأمن الدولي، انه وأمانو «تبادلا وجهات النظر حول الاقتراحات المطروحة»، في إشارة الى مشروع تبادل الوقود النووي، مجدداً تأكيده ان «الوضع إيجابي من اجل التوصل الى تفاهم». وكرر إصرار إيران على تحديد كمية الوقود التي ستتم مبادلتها، قائلاً: «من الشائع جداً في التعاملات التجارية أن يتحدث المشتري ويقدم عرضه في شأن الكمية، وأن يعرض البائع السعر فقط». وكرر متقي مطالبة بلاده بأن يكون أي تبادل للوقود «متزامناً»، بينما تريد الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن وألمانيا) أن ترسل إيران أولاً اليورانيوم منخفض التخصيب الى الخارج، ثم تستعيده بعد تخصيبه ليُستخدم في تشغيل مفاعل طهران للبحوث الطبية. ويتناقض حديث متقي عن «التزامن» مع تصريحات للرئيس محمود أحمدي نجاد أشار فيها إلى استعداد إيران لإرسال اليورانيوم منخفض التخصيب الى الخارج، قبل شهور من استعادته على شكل وقود نووي. ورفض متقي تلميح صحافي سأله هل القيادة الإيرانية منقسمة على اتفاق تبادل الوقود، قائلاً: «في إيران رأي واحد فقط في شأن الموضوع، وهو أن تبادل الوقود يلقى قبولاً واعترافاً. كان هناك بعض الشكوك في شأنه، وبُذلت جهود لتبديدها». في الوقت ذاته، قال مستشار الأمن القومي الأميركي الجنرال جيمس جونز أمام مؤتمر ميونيخ ان «شكوك ايران الغريبة تدفعنا الى العمل معاً بوصفنا حلفاء، والى صوغ رزمة جديدة من العقوبات ضد النظام الإيراني»، داعياً طهران الى «تحمّل مسؤولياتها أو التعرض لعقوبات مشددة وربما لعزلة أكبر». واعتبر انه بسبب الملف النووي الإيراني «اصبح السباق على التسلح النووي في الشرق الأوسط وتصاعد وتيرة الانتشار (النووي) في العالم، على المحك. ولا أرى الآن قلقاً اكبر على ضمان أمننا المشترك» في العالم. واللافت أيضاً أن موقف جونز يتعارض مع تصريح لوزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، اعتبرت فيه إن التهديد للأمن القومي للولايات المتحدة لا يأتي من إيران أو كوريا الشمالية. وقالت لشبكة «سي إن إن»: «نعتقد في غالبيتنا بأن التهديد الأكبر يأتي من الشبكات العابرة للحدود الوطنية وغير التابعة للدول، وفي شكل خاص المتطرفين... المتطرفين الإسلاميين الأصوليين المرتبطين بتنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، أو القاعدة في باكستان وأفغانستان». وشدد وزير الخارجية الألماني غيدو فيسترفيلله على ان موقف طهران لا يُعتبر «شفافية جديدة، وان ثمة تغييراً». وقال أمام مؤتمر ميونيخ: «يدنا لا تزال ممدودة إليهم (الإيرانيين)، لكنها حتى الآن ممدودة في الفراغ». الى ذلك، قال سيرغي ايفانوف نائب رئيس الوزراء الروسي: «اذا افترضنا ان عقوبات جديدة فُرضت مستقبلاً (على إيران)، يجب ان نحرص على ان تقتصر على منع الانتشار النووي، وألا تتوسع لتشمل الجوانب الثقافية والإنسانية والاقتصادية للنشاطات الإيرانية». في أنقرة، شدد وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس على ان الايرانيين «لم يفعلوا شيئاً لطمأنة المجتمع الدولي ولوقف التقدم الذي يحققونه في صنع سلاح نووي، وأعتقد بالتالي بأن على دول ان تسأل نفسها هل حان الوقت لتغيير النهج»، في إشارة الى فرض عقوبات. ودعا طهران الى مناقشة اقتراح التبادل مع «الوكالة (الذرية) الدولية، وليس في مؤتمر ميونيخ أو خلال مؤتمرات صحافية يعقدها نجاد»، مذكّراً بأن «إيران هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي أعلنت علناً نيتها تدمير دولة أخرى في المنطقة»، في إشارة الى إسرائيل.