عنفت المعارك في سرت (وسط ليبيا) أمس، بين السكان وتنظيم «داعش» غداة اقتحام مسلحي التنظيم الحي الرقم 3 في المدينة، فيما تحدثت مصادر عدة عن ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 169 قتيلاً معظمهم من أبناء قبيلة الفرجان، الذين عثر على جثث 12 منهم بعد فصل رؤوسهم وصلبهم قرب مدرسة «شهداء يناير» (اليرموك). واقتحم «داعش» الحي الرقم 3 في سرت عصر الخميس بعد إمطاره بوابل من قذائف الهاون والراجمات، ثم ارتكب مجزرة داخله ما دفع السكان إلى النزوح. وتراوحت حصيلة الضحايا المدنيين بين 30 و169 قتيلاً، منذ اندلاع المعارك بين السكان الذين نظموا انتفاضة والتنظيم الذي سعى إلى تعزيز مواقعه في المدينة. وشن سلاح الجو التابع لرئاستي الأركان في طرابلس وطبرق غارات على مواقع التنظيم لصد مسلحيه. وأكدت الحكومة الليبية الموقتة برئاسة عبدالله الثني، المعترف بها دولياً، مقتل 30 شخصا على الأقل في سرت، إضافة إلى مئات الجرحى، وذلك في رسالة وجهتها إلى مجلس الأمن. وعددت الحكومة في رسالتها الجرائم التي ارتكبها «داعش» ضد المدنيين في الحي الرقم 3 ومناطق عدة من سرت منذ الأربعاء الماضي. كما أعربت الحكومة عن غضبها تجاه «الموقف السلبي للمجتمع الدولي ومجلس الأمن»، منتقدة قرار حظر السلاح على الجيش الليبي الذي يفرضه المجلس وعدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين وفقاً للقرار الدولي الرقم 2214. وقال الثني في رسالته أن مدينة سرت «تتعرض لأبشع جرائم الإبادة على أيدي تنظيم داعش الإرهابي، وراح ضحية جرائمه العشرات، ولا يزال العدد مرجحاً للزيادة في ظل صمت مجلس الأمن المشين». وجدد الثني دعوته المجتمع الدولي إلى تحمل كامل مسؤولياته الأخلاقية، وألا يقف موقف المتفرج، كما طالبه بالاستجابة لمطالب الحكومة المتكررة لردع الاعتداءات، منتقداً «ازدواجية المعايير» التي تتعامل بها الدول الكبرى في محاربة «داعش» في العراق وسورية، لكنها في المقابل «تغض الطرف عنه في ليبيا». وكرر الثني مطالبته المجتمع الدولي بإلغاء حظر السلاح عن الجيش الليبي، وتوجيه ضربات محددة الأهداف لتمركزات الخلايا الإرهابية التي تقوض أمن واستقرار المنطقة برمتها. كما أكد أن حكومته على اتصال مستمر بعدد من الدول الصديقة والحليفة لاتخاذ موقف دولي عاجل لإيقاف «المجازر الوحشية» ضد المدنيين في سرت. وفي نيويورك دعا الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، مجلس الأمن والأطراف الليبية إلى العمل معاً لمحاربة تنظيم «داعش» ووقف توسع سيطرته. وقال في تقرير قدمه إلى مجلس الأمن حول عمل بعثة الأممالمتحدة في ليبيا، إن «استمرار المجموعات المتطرفة على غرار داعش وأنصار الشريعة في توسيع سيطرتهم هو مصدر قلق كبير»، وإن «تجارب أخرى في المنطقة تؤكد أن خطر هذه المجموعات هو في الدرجة الأولى على سلامة الأراضي الليبية وعلى المكونات المحلية في المجتمع الليبي». واعتبر بان أن مواجهة خطر الإرهاب «تتطلب جهداً موحداً من كل الليبيين»، وحضّ القادة الليبيين «على التعامل بجدية كاملة مع هذا الخطر». وأشار الى أن هذه المجموعات «تنشط بالتنسيق مع مجموعات إرهابية أخرى في المنطقة، وأنها لن تتوقف عن محاولات فرض رؤيتها السياسية والاجتماعية التي تتعارض مع مبادئ الثورة في ليبيا» ما لم تتم مواجهتها من جانب الليبيين جميعاً. وكانت الحكومة الليبية المعترف بها دولياً عبّرت في وقت سابق أمس، عن غضبها «من الموقف السلبي للمجتمع الدولي ومجلس الأمن الذي يشاهد معاناة السكان المدنيين في سرت ومدن ليبية أخرى بينما يمنع تسليح الجيش وتعزيز قدراته، إضافة إلى عدم اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية المدنيين» تطبيقاً لقراراته المتعلقة بليبيا. ووجّه سفير ليبيا لدى الأممالمتحدة إبراهيم الدباشي رسالة إلى رئاسة مجلس الأمن قال فيها إن تنظيم داعش «يرتكب مذبحة ضد السكان المدنيين في مدينة سرت راح ضحيتها حتى الآن أكثر من 30 قتيلاً وعدداً كبيراً من الجرحى، بهدف قمع انتفاضة سكان المدينة ضد الاغتيالات وانتهاكات حقوق الإنسان».