لم يكن أحد، حتى في الماضي القريب، يتوقع أن يصل مستوى السرقات إلى ما وصلته في الآونة الأخيرة، فلم يعد شيء، مهما قل ثمنه، خارجاً عن أطماع ضعاف النفوس. كانت الأملاك الخاصة في المنازل والمتاجر والمزارع، بل وحتى أحواش الماشية هي مبتغى السارقين. إلا أنه ومنذ نحو خمسة أعوام حدث تحول نوعي، بحيث صارت هناك معدات وأشياء لم نكن نتوقع أن أحداً سيجرؤ على سرقتها، لا لصعوبة ذلك، ولكن لانكشاف مواقعها أمام المارة. أكاد أجزم بأن هذا التحول النوعي يعود إلى أن معظم هذه السرقات تكون من العمالة الوافدة أو بعض المقيمين في السعودية بشكل غير شرعي، ولا سيما أنهم يسكنون في أحياء قديمة داخل المدن الكبيرة مثل الرياضوجدة ومكة المكرمة وغيرها. في بداية الأمر لم أصدق نفسي وأنا أشاهد فتحات الصرف الصحي في الشوارع من دون أغطية، وحاولت إقناع نفسي بأن هناك صيانة لهذه الفتحات استدعى بقاءها فترة من الزمن على هذه الحال، ولكن استمرار الوضع أكد لي أنها مسروقة. الوضع نفسه ينطبق على تمديدات الأسلاك الكهربائية إلى المنازل حديثة الإنشاء، وهذه السرقات عانى الكثيرون منها. ترى ماذا بقي لم تطله يد السارقين؟ وأين الجهات الأمنية المختصة عن مثل هذه الفوضى، ولا سيما أن السرقات تتم في الشوارع؟ لست في حاجة إلى إثبات أن من يسرق هذه الأغطية والتمديدات النحاسية الكهربائية وغيرها من المواد يجد المشترين بكل سهولة، وهنا لا بد من إلقاء الضوء على أسواق بيع الخردة وأماكن تشليح السيارات فهذه الأسواق لا أبالغ إن قلت إنها العامل الأساسي لكثرة السرقات، ويكفي القول إن هناك الكثير من المشترين لا يطلبون هوية البائع ولا يشترطون وجود فاتورة للأغراض المباعة، وهذه قمة الفوضى. إن غياب الجهات الأمنية عن هذه الأماكن لا شك في أنه أسهم في فوضى السرقات التي يعانيه الكثيرون اليوم، ولست أول من ينبه إلى خطر هذه الأسواق الفوضوية، فقد سبقني كتاب كثر. إن المرجو من المسؤولين في الجهات الأمنية ذات العلاقة إيجاد نظام خاص لهذه الأسواق، وذلك بالتنسيق مع وزارة البلديات ووزارة التجارة لحماية الممتلكات الخاصة للمواطنين والمقيمين، وأيضاً لحماية ممتلكات الدولة التي طاولتها أيدي العابثين أيضاً. ولا أنسى كذلك دور وزارة العمل التي ما زالت تصر على فتح باب الاستقدام لعمالة ثبت أن خطرها على المجتمع أكثر من نفعها.